الطبقة المستنيرة في السودان: أمل في وقف الحرب وبناء السلام ✍️ طه هارون حامد
الحروب والصراعات تؤثر بشكل مدمر وممنهج على حياة الشعوب، وفي السودان، يعاني المواطنون من ويلات الحرب المستمرة التي طالت مختلف والمناطق و أطياف المجتمع. في ظل هذا الوضع المأساوي، تتساءل الكثير من الأطراف عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الطبقة المستنيرة في إيقاف الحرب، وكيف يمكن لبقية الشعب السوداني أن يتوصلوا إلى توافق يساهم في بناء السلام مستدام وكيف يمكن للطبقة المستنيرة والشعب أن يشتركا في إنهاء الصراع وبناء دولة المواطنة والمساءلة والمؤسسات
الطبقة المستنيرة:
دور القيادة الفكرية المتفهيةوالرائدة والرشيدة
الطبقة المستنيرة في السودان، التي تضم المثقفين، الأكاديميين، رجال الدين المعتدلين، الناشطين في حقوق الإنسان، والفنانين، يمكن أن تكون القوة الموجهة نحو السلام. يمتلك هؤلاء الأفراد تأثيرًا كبيرًا على المجتمع بفضل معرفتهم، رؤيتهم الثاقبة،ونظرتهم البعيدة وشراكاتهم للمجتمعات الاخري تذيد من قدرتهم على التأثير في الرأي العام ومن خلال منصاتهم الفكرية والإعلامية، يمكنهم تشكيل وعي المجتمع وتحفيز النقاشات التي تركز على أهمية التفاهم، التسامح، والعدالة.
توعية المجتمع:
دعوة إلى التفاهم والوحدة
تتمثل الخطوة الأولى التي يمكن أن تتخذها الطبقة المستنيرة في توعية المجتمع حول خطورة استمرار الحرب وأضرارها الجسيمة على الأجيال القادمة وتفتيد وحدة البلاد لذلك يمكن عبر الوسائل الإعلاميةو المنتديات العامة، والورش التوعوية، يمكن للمثقفين والمنظمات المدنية تعزيز فكرة أن الحرب ليست الحل لأي مشكلة، بل تزيد من تعقيد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. كما يمكنهم توجيه أنظار الشعب السوداني إلى أهمية الوحدة الوطنية والتضامن بين مختلف القبائل والطوائف وان يكون الشعار الاية الكريمة قال (انا خلقانكم من ذكر وانثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) كشرط أساسي لتحقيق السلام.
تقديم حلول عملية:
مبادرات للسلام
إضافة إلى التوعية، يمكن للطبقة المستنيرة العمل على تقديم حلول عملية للمشاكل التي أدت إلى اندلاع الحرب. ذلك من خلال المشاركة في المبادرات الدبلوماسية، الحوار بين الأطراف المتنازعة، وتقديم مقترحات عملية لإنهاء القتال وتحقيق المصالحة الوطنية. يمكنهم لعب دور الوسيط بين الحكومة والفصائل المسلحة، محاولين تقريب وجهات النظر والعمل على تجاوز الانقسامات العميقة.
العمل المشترك بين المجتمع المدني والحكومة والمجموعات المسلحة يمكن أن يفتح المجال لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة الحوار. كما أن إظهار الدعم الدولي للمبادرات المحلية يعزز من مصداقية هذه الجهود ويزيد من فرص نجاحها.
دور الشعب السوداني في التوافق والضغط الشعبي
رغم أهمية الطبقة المستنيرة في دفع عملية السلام، لا يمكن تجاهل الدور الحيوي الذي يلعبه الشعب السوداني في عملية السلام. من خلال التنظيمات الشعبية، الاحتجاجات السلمية، والنشاطات المجتمعية، يمكن للجماهير أن تضغط على الأطراف المتنازعة لتوجيه الحرب نحو السلام.
إن الوحدة بين مختلف فئات الشعب السوداني، بعيدًا عن العرق أو الدين أو الثقافة، تظل العامل الأساسي لتحقيق التوافق الوطني. فالشعب السوداني قد أثبت في مناسبات عدة قدرته على تجاوز الخلافات والعمل معًا من أجل قضايا مشتركة، مثلما حدث خلال ثورة ديسمبر 2018 التي أسقطت نظام البشير.
من خلال استعادة هذا الزخم الجماهيري والعمل المشترك بين القوى المدنية والسياسية، يمكن أن تكون هناك فرصة للتوصل إلى تسوية سلمية ترتكز على العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
الحلول المستدامة:
بناء الدولة المدنية
إن وقف الحرب في السودان لا يتوقف فقط عند إيقاف القتال، بل يتطلب أيضًا بناء دولة مدنية تضمن حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، والمساواة والمساءلة لذلك يجب أن تلعب الطبقة المستنيرة دورًا في صياغة رؤية وطنية شاملة لبناء دولة حديثة تؤمن بالحقوق الفردية والجماعية، وتحترم التنوع الثقافي والاثني والديني في المجتمع السوداني.
العمل على تطوير منظومة قانونية قادرة على حماية حقوق المواطنين، بالإضافة إلى تعزيز سيادة القانون والعدالة الانتقالية، يعد من أهم الخطوات نحو السلام المستدام. وهذا يتطلب أن يكون لدى المجتمع السوداني – وعلى رأسه الطبقة المستنيرة – رؤية واضحة لمستقبل وطنهم بعيدًا عن العنف والاقتتال.
اخيرا
التعاون من أجل السلام
إن إيقاف الحرب في السودان يتطلب تضافر جهود جميع القوى الاجتماعية والسياسية. الطبقة المستنيرة، بوصفها جزءًا من هذا النسيج الاجتماعي، قادرة على قيادة المجتمع نحو السلام من خلال نشر الوعي، تقديم الحلول العملية، والمساهمة في بناء ثقافة الحوار والتعايش السلمي. كما أن الشعب السوداني، بتنوعه وثرائه الثقافي، لا بد أن يكون جزءًا من عملية التغيير، ليتحقق التوافق ويعود السلام إلى ربوع هذا البلد العريق.
إن السودان بحاجة إلى قيادات فكرية ترفع صوت العقل والحكمة، وحاجة إلى شعب موحد يعبر عن إرادته في تحقيق السلام. فقط بالتعاون المشترك بين الجميع، يمكن للسودان أن يخرج من دائرة العنف والدمار إلى عهد من الاستقرار والنماءوالرفعة.