مقالات الرأي
أخر الأخبار

الشرق الأوسط ما بعد سقوط الأسد تحليل لتوازن القوى ومستقبل الإقليم ✍️ هشام محمود سليمان

المقدمة:-

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 تحولت سوريا إلى ساحة صراع إقليمي ودولي كان بقاء نظام بشار الأسد في السلطة محورا لتوازن القوى في الشرق الأوسط حيث اعتمدت قوى مثل إيران وروسيا على النظام كحليف استراتيجي بينما سعت قوى أخرى مثل تركيا ودول الخليج إلى إسقاطه سقوط الأسد لن يكون مجرد نهاية لنظام سياسي بل بداية لحقبة جديدة تحمل معها تحديات وفرصا كبرى لإعادة رسم ملامح الإقليم

أولا انعكاسات سقوط الأسد على التوازن الإقليمي:-

1. إيران وحلفاؤها

إيران تعد الداعم الأبرز للأسد وسقوطه سيمثل ضربة قاسية لنفوذها الإقليمي سوريا تعتبر الجسر الذي يربط طهران بحزب الله في لبنان ومن خلالها تمرر الأسلحة والدعم اللوجستي بدون نظام الأسد ستتراجع قدرة إيران على دعم حزب الله مما يضعف نفوذها في لبنان ويهدد مشروع (الهلال الشيعي) الذي تسعى لتوسيعه

2. تركيا

تركيا التي دعمت المعارضة السورية منذ البداية ستعتبر سقوط الأسد انتصارا لنفوذها الإقليمي ومع ذلك فإن الفوضى المحتملة قد تعقد طموحاتها خاصة في ظل صراعها مع الأكراد في شمال سوريا ستسعى أنقرة لتعزيز نفوذها عبر دعم قوى المعارضة وإعادة تشكيل المشهد السياسي بما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية

3. دول الخليج

بالنسبة لدول الخليج سقوط الأسد يعد انتصارًا على إيران خصمها الإقليمي الأكبر ومع ذلك فإن التحدي سيكمن في توجيه المرحلة الانتقالية نحو الاستقرار ومنع ظهور قوى متطرفة قد تستغل الفراغ السياسي

4. إسرائيل

على الرغم من عداء إسرائيل لنظام الأسد كمخطط إلا أن استقراره كان يوفر نوعا من التوازن السلبي سقوطه قد يضعف نفوذ إيران لكنه قد يفتح الباب أمام صعود قوى غير منضبطة أو متطرفة على حدودها مما يضع تل أبيب أمام معضلة جديدة

ثانيا التحديات الداخلية في سوريا ما بعد الأسد:-

——–

1. خطر الفوضى والتفكك

قد يؤدي سقوط الأسد إلى فراغ سياسي وأمني مع تصاعد الصراع بين الفصائل المختلفة على السلطة سوريا دولة متعددة الأعراق والطوائف مما يزيد من احتمالية انزلاقها إلى حرب أهلية أعمق أو تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ

2. إعادة الإعمار

تعتبر سوريا واحدة من أكثر الدول دمارا بسبب الحرب إعادة الإعمار ستكون تحديا هائلا يتطلب استثمارات دولية ضخمة وهو ما قد يعقد المشهد في ظل تنافس القوى الكبرى على النفوذ في مرحلة ما بعد الحرب

3. العدالة الانتقالية

بعد سقوط النظام سيبرز ملف المحاسبة على جرائم الحرب والانتهاكات تحقيق العدالة الانتقالية سيكون ضروريا لضمان استقرار طويل الأمد لكنه قد يثير حساسيات ويعطل جهود المصالحة

ثالثا الأبعاد الدولية لتداعيات سقوط الأسد:-

1. روسيا:-

——-

روسيا التي استثمرت سياسيا وعسكريا في بقاء الأسد ستفقد أهم قاعدة لها في الشرق الأوسط إذا سقط النظام هذا سيضعف نفوذها ويجعلها في مواجهة خيارات صعبة لإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة

2. الولايات المتحدة:-

————

بالنسبة لواشنطن قد يشكل سقوط الأسد فرصة لإضعاف إيران وروسيا لكنه يحمل مخاطر عدم الاستقرار وظهور قوى متطرفة قد تعقد أهدافها الإقليميه

3. أوروبا:-

——-

مع سقوط النظام ستتزايد تحديات اللاجئين وأزمة الأمن على أوروبا ستحتاج إلى لعب دور أكبر في إعادة الإعمار ودعم الاستقرار لضمان تقليل تداعيات الأزمة على أمنها القومي

رابعا سيناريوهات المستقبل في الشرق الأوسط:-

———

1. الفوضى طويلة الأمد

إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة فإن سوريا قد تتحول إلى بؤرة فوضى تشبه النموذج الليبي حيث تتنازع الفصائل المختلفة على السلطة بدعم من القوى الإقليمية والدولية

2. تقسيم سوريا:-

———

قد ينتهي الأمر بتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مع سيطرة الأكراد على الشمال الشرقي وقوى المعارضة على بعض المناطق وبقاء مناطق تحت سيطرة جماعات متطرفة

3. استقرار نسبي:-

———-

في أفضل السيناريوهات قد يتم التوصل إلى تسوية دولية تفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية تشمل جميع الأطياف مع دعم دولي لإعادة الإعمار

لكل ما تقدم فان سقوط نظام الأسد سيكون نقطة تحول تاريخية في الشرق الأوسط هذا الحدث قد يعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية والدولية لكنه يحمل في طياته مخاطر الفوضى وعدم الاستقرار تحقيق توازن إيجابي في مرحلة ما بعد الأسد يتطلب تنسيقا دوليا وإقليميا لإدارة التحولات السياسية والأمنية بما يضمن استقرار سوريا وازدهارها ويمنع تداعيات الأزمة من زعزعة الإقليم بأكمله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام