مئات من اللاجئين السودانيين وجدوا حتفهم وعم يبحثون عن النجاة منهم من مات عطشاً فى صحارى التيه والضياع وآخرين صعدت أرواحهم الى بارئها فى حوادث سير فى فيافى الإهمال واللامبالاة وشباب مثل الورد إختاروا الموت إحتراما لحياة الذل والمهانة وقرروا ركوب البحر فى قوارب بدائية نسبة الوصول بها للشاطئ الآخر أقل من ١% وتحولوا الى طعام للحيتان وفقدوا أرواحهم وأحلامهم والناجى منهم يتم العثور على جثته ويصبح رقم فى عداد الموتى والضحايا كل هؤلاء الضحايا أخرجتهم الحرب من بيوتهم خرجوا نحو المجهول يبحثون عن الحد الأدنى من الأمان المفقود*.
*الذين ماتوا عطشا بعد أن لفحت حرارة الشمس أجسادهم حين يرى الأب أبنائه يموتون أمام ناظريه وهو لا يملك ما يقدمه لهم وهو يعلم أنه مكتوب عليه ذات المصير وملك الموت يحوم حولهم يأخذ أرواحهم فردا فردا ويمكن القول أن أكثر الناس معاناة ووجعا وألم لم يتخيل حجم الوجع الذى يعانيه هؤلاء الضحايا وهم يلفظون آخر أنفاسهم فى الحياة أطفال رضع وأمهات وصبايا وأباء وشيوخ كانوا يدخرون أبنائهم لعاديات الليالى فها هم يرونهم جثث هامدة لا حراك فيها بعد أن تيبست أجسادهم وماتوا وهم ظمئ ولا يوجد ألم أقسى من إنتظار الموت فى فيافى المجهول*.
*أما الذين ماتوا بحوادث المرور بين الصحارى والجبال فإنهم قد عاشوا لحظات رعب وهم تحت رحمة سائق لا يعرف قلبه الرحمة أو يعرف إحترام ذرة الإنسانية وكأنه إنسان العصر الحجرى الذى يعيش فى الألفية الثالثة بعد أن يقوم بشحن ضحاياه مثل البهائم ويقوم بربطهم بحبل غليظ يظنه حزام أمان بقدر ما أنه لا يقل وجعا وألما من حبل المشنقة والذين ماتوا فى حوادث السير فى الصحارى والجبال فإنهم ماتوا برعونة سائق يسابق الثوانى والدقائق من أجل توصيل شحنة بشر حتى يضمن شحنة أخرى ويضمن معها عشرات الآلاف من الجنيهات يتعامل معهم سائق لا يجيد إلا لغة التهديد والوعيد يعامل سيارته أفضل من معاملة البشر لا يهمه إن تطايرت الأشلاء أو سالت منهم الدماء أو تكسرت منهم العظام عنده الموت مثل العيد ففى مثل هذه الظروف تزهق الأرواح وتتعالى الصرخات من دون أن تجد لها مغيث إلا رحمة الله والموت يحيط بهم من كل مكان*.
*أما الذين نجوا من الموت عطشا أو الموت فى حادث سير فإنه ينتظره عطش (البموت غرقان) فهم الشباب الذين قرروا عبور البحر الأبيض المتوسط وهم يعلمون علم اليقين أنهم فى عداد الهلكى وإن طالت سلامة رحلتهم وكلما فكر الواحد فيهم بالتعديل عن فكرة عبور الشاطئ الآخر يتذكر المصير الغامض الذى يكتنفه الغموض ويتذكر موت أحلامه أمام ناظريه وتحول حقوقه المنصوص عليها فى الدستور الى أحلام ووقتها يتذكر أنه ينتمى الى وطن تم تعطيل الدستور فيه منذ العام ٢٠١٩ وتم تبديل الدستور بوثيقة دستورية وحتى الوثيقة الدستورية تغوط فيها الساسة ثم مزقوها وأصبح وطنهم يحكم بلا دستور ومن دون وثيقة ومن هنا يجد القوة التى تدفعه لركوب البحر عله يموت بعيدا عن وطن لم يعرف قيمة أبنائه وطن أحرقه الساسة وشردوا أهله مع سبق الإصرار والترصد ووقتها تتحول أجسادهم الغضة الطرية الى طعام للحيتان ولم يجدوا من ينقل الى أهلهم أنهم قد ماتوا غرقا فى بحر لجى ظلمات بعضها فوق بعض لكن رحمة الله أوسع من وطن ضاقت فيه صدور الساسة والمنافقين قبل أن تضيق بهم أرض السودان*.
نــــــــــــص شـــــــــوكة
*بالرغم من هذه التراجيديا ما زال نزيف الأرواح مستمر ومن لم يتم بالرصاص مات عطشا أو غرقا أو مات بحادث سير جراء القيادة بإهمال والمحظوظ فيهم من نجا بأعجوبة ورغما عن ذلك لم يستوعب السودانيين الدرس ومازالوا فى غيهم يعمهون*.
ربــــــــــــع شــــــــوكــة
*الموت كله موجع ومؤلم وأكثره ألما ووجعا موت السودانيين بعيدا عن أوطانهم وهم مقهورين يعانون الذل والمسغبة والمهانة*.