أقدار يانور عيني…أنا كنت فاكرك لي أجمل بيت بدأ به الشاعر العظيم المتفرد الصادق إلياس قصيدته الخالدة التي إندلقت غناءا بصوت الفنان الكبير مجذوب اونسة ، هذه الاغنية تعد من الأغاني التي لها وقع عميق خاص في قلب كل مستمع وكل متذوق عسل الفن السوداني المصفي
ثمة تقارب فكري وتشابه عصفي شعرا بين الشاعر السوداني الصادق إلياس وبين الشاعر القديم المتنبي وتشابه في السرد التعبيري برغم فارق السنين الكبير وبرغم فارق اللغة بينهما إلا أن روح القصيدة تتنفس نفس النفس حيث تشبه ماقاله المتنبي منشدا :
مررت بدارهم شوقاً إليها ..
لعلي ألمح الأحباب فيها
فما من نائم في الدار يصحو ..
وما من زائر يدنو إليها
سألت الجار : ما الأخبار قل لى
فقال : الدار أبقى من ذويها
أما تعلم بأن الناس تمضي ..
وأن الدار تنعي ساكنيها
الصادق إلياس أبدع إبداع في اذابة جمان المفردات السلسلة وصب عصارتها بعد أن صنع قالب تشكيل من نسق عالي سكب فيه هذا الذهب ، بدأ بالاندهاش الحائر حاملا جرح دنياه ألما….مؤمنا بأن الدنيا تفصح عن لغتها والدهر يفتح صفحتك لتقرا مافيها
شايل جرح دنياي….من زول كان محبوب…الدنيا ياما توري… والدهر ياما يقري
الصادق إلياس….يمتعك أيما متعة عندما يسبر في أغوار السرد الشعري العاطفي ، هو متمكن في فن إمتلاك ناصية المفردة التي ترن جرسا رنانا وجاذبا ، له مدرسة رومانسية من طعم خلاسي متجدد ، فنان يحمل مثلث المفردة اليانعة وتراكيب السهل الممتنع والإيقاع الحرفي الذي لايتعب الملحن عندما يريد أن يلعب بالأوتار لحنا ،
شاعرنا يتسم بالقلب النظيف العفيف الطيب الذي يعفو عمن ظلم سماحة، يمد يده احتراما وعفوا… بيضاء من غير سوء ويظهر ذلك في نبضه عندما دلق :
أكان خلاص مليتو ….قلبي الحنين خليتو….مجبور أسامحك انا… وقال في كوبلي آخر : امسح دموع عيني….أنا مابلومك إنت….مهما الدموع تتحدر، أعذب والطف واجمل ما أنشد: تغلبني غصبا عني ….البينا أكبر واكبر …من قلبي ليك بتمني ….تسعد دوام تتهني ، ياسلام وياسلام عليك يا متفرد
إني من منصتي أرخي أذن الإنصات ….حيث أستمع وأستمتع بأعذب الألحان وأجملها بصوت الفخيم الذي لم يغني إلا الجميل والجمال دندنة الفنان مجذوب اونسة بقصيدة كتبها الذي أسميه أمير شعراء الأغنية السودانية بلامنازع …. دا الغنا ولا بلاش .