لا شك أن التنوع الثقافي والتعدد العرقي يمثل منذ أمد ٍ بعيد معضلة ً كبري في بحث مجتمع جنوب كردفان وغربه عن هويته القومية والوطنية
.. ولعل هذا هو الذي مهد الطريق السياسي مبكرا ً ، لاسيما في مناطق جبال النوبة إلي التمرد الذي قاده يوسف كوه ليصبح بفعلته التي فعل ، ليصبح النوبة الساعد الأيمن للدكتور المتمرد جون قرنق في العام 1983م
إن الدكتور جون قرنق الذي دخل الغابة بعد تمرير الرئيس السابق جعفر النميري ورقة الشربعة ،
كان قرنق ينظر الي إنسان جبال النوبه بأنه معزول بذات المعادلة السياسية التي أزاحتْ أبناء الجنوب منذ بواكير الإستقلال وتكوين الدولة السودانية الحديثة .. فلم تكن الحرب التي بدأت في العام 1955 إلا إذكاءاً لجحيم حرب الجنوب والشمال .. تارة بإسم الدين وتارة بتغلب اللآيديولوجيات المختلفة خلال تغلب مزاج سياسي لكحمومتين تعدديتين وأثنتين شموليتين.
قاتل قرنق قتالا ً شرسا ً وضع البلاد علي مفترق تاريخي كبير .. حتي إندلعت ثورة الإنقاذ الوطني ، والتي كانت تعاني ذات العقدة السياسية والبحث عن الهوية السياسية و العقدية بل والوطنية .. مما أذكي أوار الحرب عندما دخل المواطن طرف أساسي في القتال .. بعد أن كان محصورا ً ( القتال ) بين القوات العسكرية
هذا الفعل السياسي العسكري الحربي ، أقعد بالتنمية في هذه الولاية (غرب كردفان) وأوقف تدخل المستثمرين من إستصلاح لأراض ٍ خصبة ٍ وسهول تنساب بعذب المياه وصخور هي شلالات لتوليد الطاقة الكهربائية
من المعيقات التنموية السياسية التي إكتسبت أيضتنا ً طابعا ً سياسيا ً فأخرجها عن أرض النماء ، مشكلة أبيي والتي كانت شوكة ً في خاصرة الحركة الشعبية التي راهنت الغربَ الإمبريالي علي كسبها طيلة سنوات الحرب .. ولما لم يتحقق للحركة
تثبيت رايات هوية دينكا النوك فوق أرض أبيي تلك الواقعة في غرب كردفان حيث أستضافهم المسيرية سنوات من تاريخ قديم .. كان أن لجأت الحركة الشعبية قبيل إستفتاء جنوب السودان حول خيار الوحدة أو الإنفصال .. فكان الإنفصال وكانت رقعة محكمة لاهاي من أرض ابيي التي أهدتها للنوك مقابل فشل تحديد لجنة الخبراء مكان. مشايخ النوك التسع. هذه المقدمة وإعتماد مالخصته من معيقات.. كانت لها اثرها الكبير علي مناطق نائية من غرب كردفان.. جعلت منها حكومة البشير الثيوقراطية (الدينية) معقلآ للتجييش ودعم حرب الجنوب (المجاهدون.. الدفاع الشعبي) بحكم موقعها الجيوسياسي و المتماس.. مما اخرج هذه المنطقة الإستراتيجية عن ضوء ودائرة التنمية والنماء ووضعها تحت عتمة الظلام والتخلف التنموي..ولكن السؤال الذي تفترضه الورقة.. حيث سآخذ مدينة الميرم انموذجآ وذلك لفرضية ان العوامل السياسية هي ما افترض إنها الأكثر تأثيرآ علي التخلف التنموي.. غير ان السؤال الذي تفترضه الورقة، هل منطقة (الميرم) ذات الموقع الإستراتيجي… هذه المنطقة التجارية الزراعية.. لماذا ظل المركز علي الدوام محتفظآ بها كمنتج ومصدر ومغذي لاسواق كردفان والمركز، دونما تحدث اي تنمبة للمنطقة في حد ذاتها؟. الإجابة علي هذا السؤال هي محور النقاش تحديدآ علي ان للمجموعة توسعة ماعون معيقات التنمية..
حيث ونحن نستعرض مجمل أسباب ودواعي فرضتها اوضاع سياسية معقدة وراء التخلف التنموي لمنطقة الميرم..
ولما كانت تلك السياسات التي إتسمت بطابعها الإقصائي وسياسات إحتكار الإمتيازات كفليفة ميكافيلية للإبقاء علي بعض المجتمعات قابعة”في مستنقع الفقر.. غير انني في هذه الجزئية سأركز علي بعض العوامل التاريخية التي مثلت دورآ سالبآ في ملف تنمية منطقة الميرم وعدم إحترام كرامة إنسانها..
ذكرت ان الموقع الجغرافي للميرم في أقصي الركن الجنوبي الغربي لولاية غرب كردفان ووضعها الجيوسياس المتماس لدولة الجنوب والتي تحادد الأطراف الشرقية لولايات دارفور.. وتوغلها في لسان ضيق يمتد في الجنوب الغربي متوسطآ شمال غرب دولة الجنوب وولاية شرق دارفور نحو افريقيا الوسطي كمدخل لأفريقيا الغربية.. كل ذلك كان يمثل مهددآ أمنيآ كبيرآ أن يغتال المركز من هذه البوابة الجنوبية الغربية من رقعة السودان الواسعة..
هذه الوضعية لمدينة الميرم جعلتها محل نظر حكومة الإنقاذ الوطني الثيوقراطية(الدينية)..
فكان أول إزميل التخلف الذي دقه المركز في نعش المنطقة، عمليات التجييش الذي لقي إستحسانآ من إنسان المنطقة.. حيث كانت جحافل وفرسان المجاهدين يفتتحون المدن ويفتحمون الحنوب قبل دخول قطارات الموت وصافرة الجنرال الجنيد حسن الأحمر..
لم تمضي اعوام علي عسكرة أبناء المنطقة حتي كانوا أكثر إستجابة”من ذي قبل لتتكون كتائب الدفاع الشعبي..
حيث تحدثت في مرات فائتة من سلسلة معيقات التنمية، وحيث ذكرت ان موقع مدينة الميرم الجيوسياس المتماس ولكونها مركز وقاعدة إنطلاق لمجاهدي تنظيم المؤتمر الوطني لحكومة ثورة الإنقاذ الوطني… وحيث ذكرت أن قادة وقيادات الدفاع الشعبي كانوا قد كرسوا لخطاب الدولة الثيوقراطي، لإبتزاز مشاعر إنسان تلك المنطقة، كل ذلك مثل عقبة” كأداء أمام تنمية وتطور مدينة الميرم..
وهو عمل ممنهج ومدروس لصرف إنتباهة إنسانها عن قضاياه المصيرية وتحديد موقفه من قضايا الوطن في مجملها.
غير إنني سأعرض الي أحد أهم او أسباب التخلف التنموي بالميرم وسياسة إفقارها.
فالمؤتمر الوطني ممثلآ في تجاره ممن أحتكرت لهم الإمتيازات الإقتصادية.. لعبوا دورآ سالبآ في هذا الإتجاه.. حيث تبنوا سياسة إفقار المنطقة.
فالإحتفاظ بمدن الميرم والحريكة والمقدمة والفودة كمنتج زراعي ومصدر للخام ومغذ„ لأسواق الشمال الجغرافي وموردآ نهلآ ورافدآ لتمويل خزينة الحرب بالخرطوم، جعل دهاقنة ودناصورات وسماسرة الحرب جعلهم للإبقاء علي هذه المدينة خاوية” علي عروشها وجاثية” علي بروشها بعد إذ يتم مص~ شهدها وعسلها.. ذلك لأن تطور الميرم وإنفتاحها علي جنوب السودان وشرق دارفور وتوغل لسانها الساحلي إتجاه أفريقيا الوسطي.. ربما يحولها ذلك إلي مركز„ تجاري، وهذا من شأنه سيقلل من تصديرها منتوجها الزراعي والغابي الخام الذي احتكر لجهات من اجل بناء وإقامة محليات مجاورة لإبتزاز اموال الميرم.. وتغذية وتزييت تروس آلة الحرب من عرق جبين مواطنها.. من اجل كل ذلك ولهذه الأسباب اتبع المركز سياسات إفقار الميرم.. ولعل دور النخبة المثقفة من ابناء الميرم ووجهاؤها ممن شغلهم تنظيم المؤتمر الوطني بالصراع حول ان إمارة الفيارين وعمق فيهم شرخ أيمن وأيسر.. حيث يتم إستقطاب الأمراء كل بمعزل عما يحقن به شرايين الآخر.. جعل الميرم مدينة”لصراع الهوي والهوية مما قلص من حراكها الإجتماعي نحو قضايا تخدم تنمية المنطقة وإعمارها.. وكذا الدور السلبي للمغترب من مثفي الميرم وإنكفائه بعيدآ عن اي إستثمار يجمل وجه المدينة.. ولعل ثالثة الأسافي هم ابناء الميرم داخل تشريعي الفولة إبان الإنقاذ. الذين كرسوا خطابهم البرلمانيّ لما يخدم قضايا احزابهم علي حساب أصوات اهالي المنطقة ممن بح صوتهم بنبرات الفقر.