السلبية والإيجابية: رحلة البحث عن التوازن والتغيير من منظور نفسي وإسلامي – خدش الفراش – ✍️ دكتور قمر الأنبياء عمارة
هل السلبية قرار نقرر أن نكونه؟ هل هي تربية؟ هل هي في الجينات؟ ام هي مرض؟ أم مشاكل وظروف اعترضت حياتنا فحولتنا كذلك ؟
هل تمنيت يوماً أن يكون تصرفك في موقف ما غير الذي فعلت؟ هل عضضت أصابع الندم على أنك أضعت عليك فرصة أن تكون انسانا وان تكون إيجابياً؟ هل شعرت ان جزءا من روحك قد تآكل لخير أضعته بإحجامك وبخلك وجبنك وانكفائك على ذاتك؟ام ان الامر سيان عندك ولايهم؟ هل فعلت كل ما فعلت باختيارك أم أن الأمر أحياناً يفوق مقدرة سيطرتك عليه لأن هناك شيئاً أقوى منك هو الذي يجبرك؟
هل شعرت يوما ان نفسك قد أوضعتك وجعلتك تجبن وتترد ثم بعد ذلك تصنعت التعالي والازدراء والاحتقار وعدم الاهتمام كي تعوض نقص الإيجابية عندك وفطرتك المحبة لفعل الخير وللحب والاحتواء والاهتمام؟
هل انتصرت على سلبيتك يوماً في فعل أو قول فشعرت كأن عمرك يزداد عمراً وأن حياتك تأتلق وتغشاك السعادة؟ هل ارتاح ضميرك لخلل أصلحته أو لثغرة سددتها أو لمحتاج أعنته؟
والاهم من كل ذلك هل تلومك نفسك علي سلبيتك؟ هل تحاورك؟ هل تجادلك؟لانها ان لم تفعل فهذا يعني ان هناك خلل ما يحتاج الي علاج.
ربما تكون السلبية ناتجة عن التربية والظروف المحيطةبنا،او قد تظهر بشكل مختلف نوعا ما كمرض.
اما في الطب النفسي، تُعرف السلبية (Negativism) بأنها ميل الشخص لمعارضة أو رفض الأوامر والنصائح، أو عدم الاستجابة للأحداث أو المواقف بطريقة متوقعة. تظهر السلبية غالبًا كعرض في بعض الاضطرابات النفسية والعصبية، مثل:
الفصام حيث يمكن أن يظهر السلوك السلبي كجزء من أعراض الفصام السلبية (Negative Symptoms)، والتي تتضمن اللامبالاة، الانسحاب الاجتماعي، وفقدان القدرة على بدء الأنشطة أو الاستمرار فيها، وقد يصل الامر حد عدم الاستجابة للاوامر التي توجه للمريض من قبل الطبيب او قد يفعل عكسها تماما.
كذلك قد يُظهر الأشخاص المصابون بالاكتئاب سلوكًا سلبيًا ، مما يؤدي إلى فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأشياء التي كانت تُعتبر ممتعة من قبل.
ايضا اضطراب الشخصية السلبية العدوانية حيث يكون الفرد معارضًا ومتحديًا للآخرين بشكل متكرر،
يتم التعامل مع السلبية والتي هي كعرض مرضي مثبت من قبل الطبيب من خلال التشخيص الدقيق والعلاج المناسب، والذي قد يشمل العلاج النفسي، العلاج السلوكي المعرفي، والأدوية إذا لزم الأمر.
نجد ان موقف الإسلام من السلبية واضح في تشجيعه على العمل الإيجابي والتفاعل البناء مع الآخرين والمجتمع.
ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (المائدة: 2)
كذلك حث النبي صلي الله عليه وسلم علي الايجابية والبعد عن السلبية، قال صلى الله عليه وسلم:
“المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز” (رواه مسلم)، وقال كذلك:
“من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.” (رواه مسلم)
د. قمرالانبياء عمارة