مقالات الرأي
أخر الأخبار

الاقتصاد السوداني بين الطموح المشروع والواقع المذريء ✍️ البروفسور: فكري كباشي الأمين العربي

خلال ثلاث تحولات ميّزت تطور المجتمعات البشرية، فمن المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي وصولاً إلى المجتمع المعرفي ويمكن توضيح ذلك من خلال ما يلي:

التحول الأول: المجتمع الزراعي ” وبدأت هذه الثورة أول ما بدأت على ضفاف الأنهار الكبرى في المنطقة القريبة من المنطقة الاستوائية نهر النيل ودجلة والفرات حيث التربة الخصبة.

التحول الثاني: المجتمع الصناعي أو “اقتصاد الآلة” أن عملية الانتقال من التحول الأول الى الثاني (من الزراعة إلى الصناعة) يرجع لعدة أسباب أهمها تضخم عدد السكان في المناطق الآهلة ومحدودية المصادر الطبيعية وعجزها عن توفير الكميات الكافية من ضروريات العيش وكذلك التمايز الشديد للمناطق الآهلة من حيث المزايا الطبيعية المتوفرة وكذلك ظهور العديد من مصادر الطاقة الجديدة.

فكان ضرورياً، اللجـوء الى عملية التصنيع بدل عمليات الزراعة والصيد، ولذلك استخدمت الآلة، فالآلـة أساس المصنع والمصنع عمود الصناعة.

التحول الثالث: المجتمع المعرفي أو “اقتصاد المعرفة” لقد شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة التحول الثالث والذي تمثلَ في الثورة العلمية أو المعرفية. ومن أهم ما ميز هذا التحول، العمل على تحول المعرفة إلى قوة منتجة وتقلص المسافة الفاصلة بين ميلاد الاختراع وتطبيقه على أرض الواقع، فلم تمض سوى خمسة سنوات عن اكتشاف الترانزستور حتى عم استعماله صناعيا، وفي هذا السياق، كتب “دانييل بيل” عام 1967 يقول: إن متوسط طول المدة بين اكتشاف مبتكر تكنولوجي جديد وبين إدراك إمكانيته التجارية كان ثلاثين عاما في الفترة ما بين عامي 1880 و1919، ثم انخفض إلى 16 عاماً في الفترة ما بين عام 1919 و1945، ثم إلى 9 أعوام , وكلما مرت السنوات كلما قصرت المدة بين الابتكار والتحول الى نمط الإنتاج العلمي والتقني، من مرحلة الإبداع الفردي الى الإنتاج الجماعي خلال القرن العشرين بمعنى أنه خلال التحولين الأول والثاني كان الأفراد هم أساس الاختراع والابتكار، أما في ظل التحول الثالث فقد أصبحت المؤسسات والجامعات…الخ هي الرائدة في إنتاج الصناعات الابتكارية والتكنولوجية، لقد استخدمت عدة مسميات لتدل على اقتصاد المعرفة مثل اقتصاد المعلومات واقتصاد الانترنت والإقتصاد الرقمي والإقتصاد الالكتروني، كل هذه التسميات لتشير في كليتها إلى اقتصاد المعرفة.

وان حاولنا ان نسقط الامر على السودان والذي يعتبر في الأساس مجتمع زراعي كما وجدت اثار تدل على ان المجتمع السوداني عرف الزارعة منذ امد سحيق قد يمتد الى ما قبل التاريخ ثم بدا التحول الى المجتمع الصناعي وأن عملية الانتقال من التحول من الزراعة إلى الصناعة في السودان منذ مطلع الستينات والى السبعينات حيث يعتبر انه بدا منذ فترة مبكرة مقارنة بدول الجوار مثل دولة اثيوبيا والتي بدات تتلمس الطريق نحو التحول من الزراعة الى الصناعة او الصناعات الزراعية ولدينا في السودان العديد من النماذج وعلى سيبل المثال وليس الحصر مثل تصدير الجلود المدبوعة وكذلها المصنعة كاحذية كشركة ( بــــــــــاتـــــــــــــــا) الشهيرة والتي كانت مغطية الإنتاج المحلي ويوجد فائض كذلك صناعة القطن في صورة غزل ومصانع الغزل والنسيج المملوكة لرائد الاعمال خليل عثمان تقف شاهد حتى صناعة الملبوسات الجاهزة ( سلوى بوتيك) وصناعة الحبوب الزينية والعديد من الصناعات التي ازدهرت في فترة مبكرة قد تكون حققت السبق على كثير من دول الجوار الإقليمي في المحيطين العربي والافريقي وكان من المفترض ان يكون السودان وبحكم التطور التاريخي ان يكون الرائد في اقتصاد المعرفة نظرا لعراقة الجامعات والمؤسسات البحثية خاصة مجال البحوث الزراعية , ووراقع الحال يقول في السنوات الأخيرة بان معظم الصادرات السودانية صارت من المواد الخام في صورتها الأولية كالجلود والحبوب الذيتية والقطن , واعتقد ان هذا الامر يحتاج لوقفة تامل من خلال البحث لمعرفة المعوقات التي أدت الى توقف عجلة الصناعة وتاخرها , وكذلك تناول امر ترقية وتطوير الصادرات او التطور الصناعي لكافة المنتجات الزاراعية من اجل الاكتفاء الذاتي واعداد انتاج خاص بالتصدير على ان يتم كل ذلك من خلال دراسات علمية رصينة من قبل الباحثين المتمكنين في الجامعات وعلى السادة في الجهاز التنفيذي الإقرار بان ابتعاد المؤسسات البحثية في الجامعات واعمال العلم في التنمية يمثل نتيجة واضحة وباينة وغير محتاجة الى اجتهاد كبير لمعرفة الأسباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!