لا شك أن التغيرات المناخية قد أصبحت واحدة من أبرز التحديات التي تواجه البشرية جمعاء. تتجلى آثار هذه التغيرات بشكل واضح في العديد من المناطق حول العالم، ومن بينها السودان الذي يعاني من ظروف بيئية قاسية تفاقمت بسبب الصراعات والحروب. فالتدهور البيئي في السودان ليس مجرد تهديد للبيئة الطبيعية، بل هو تهديد مباشر لسبل عيش الملايين من السودانيين، ويهدد استقرار المجتمع وتماسكه.
التحديات البيئية في السودان تتمثل في التصحر وتدهور الأراضي الزراعية فيعتبر التصحر أحد أخطر التحديات التي تواجه السودان، حيث يؤدي إلى فقدان الأراضي الصالحة للزراعة، وزيادة معدلات الجفاف، وهجرة السكان من المناطق المتضررة. وتتعدد أسباب التصحر، منها الإفراط في الرعي، وقطع الأشجار، واستخدام أساليب زراعية غير مستدامة، والتغيرات المناخية، ويعاني السودان من نقص حاد في المياه العذبة، خاصة في المناطق الريفية، مما يؤثر على الزراعة والصناعة والشرب. وتفاقم المشكلة بسبب تلوث مصادر المياه نتيجة الصرف الصحي غير المعالج، والنشاط الصناعي، والاستخدام المكثف للمبيدات الحشرية، ويساهم حرق الوقود الأحفوري، وتصنيع الطوب اللبن، والغبار العالق في الهواء، في زيادة نسبة التلوث الهوائي في السودان. ويؤدي هذا التلوث إلى العديد من المشاكل الصحية، مثل أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب.
الشباب هم عماد المستقبل، وهم الأكثر تضرراً من آثار التغيرات المناخية. لذلك، فإن مشاركتهم الفعالة في جهود حماية البيئة أمر ضروري. يمكن للشباب السوداني أن يلعبوا دورًا محوريًا في نشر الوعي البيئي من خلال تنظيم حملات توعية مستمرة في المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات الصحيحة حول القضايا البيئية، بجانب تبني ممارسات صديقة للبيئة، فيمكن للشباب أن يكونوا قدوة حسنة من خلال تبني سلوكيات صديقة للبيئة في حياتهم اليومية، مثل ترشيد استهلاك المياه والطاقة، وإعادة التدوير، واستخدام وسائل النقل المستدامة، ويمكن للشباب السوداني تطوير مشاريع مبتكرة تساهم في حل المشاكل البيئية، مثل مشاريع الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، وإدارة النفايات، والمطالبة بالحق في بيئة نظيفة وسليمة، فيمكن للشباب الضغط على صناع القرار لتبني سياسات بيئية فعالة، وتخصيص الموارد اللازمة لحماية البيئة.
من حلول العملية والمستدامة الاعتماد على الطاقة المتجددة، فيمكن للسودان الاستفادة من طاقته الشمسية ورياحه القوية لتوليد الكهرباء، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتوفير الطاقة، وتشجيع المزارعين على استخدام أساليب زراعية صديقة للبيئة، مثل الزراعة العضوية، والزراعة العمودية والزراعة المحافظة على التربة، واستخدام أنظمة الري الحديثة، كما يجب تطوير أنظمة فعالة لإدارة النفايات، تشمل جمع النفايات بشكل منتظم، وفرزها، وإعادة تدويرها، وتحويل النفايات العضوية إلى سماد، ويجب حماية المناطق المحمية والتنوع البيولوجي في السودان، من خلال تفعيل القوانين والتشريعات البيئية، ومكافحة الصيد الجائر والقطع غير المشروع للأشجار.
دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والحكومة يتمثل في أن تلعب وسائل الإعلام المختلفة دورًا فعالًا في نشر الوعي البيئي، وتسليط الضوء على القضايا البيئية الملحة، وتقديم نماذج إيجابية للأشخاص الذين يساهمون في حماية البيئة، ويمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تنفذ العديد من المشاريع البيئية، مثل برامج التوعية، ومشاريع التشجير، ومشاريع إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، كما يجب على السلطة التنفيذية أن تتبنى سياسات بيئية واضحة وفعالة، وأن تخصص الموارد الكافية لتنفيذ هذه السياسات، وأن تشجع المشاركة المجتمعية في صنع القرار البيئي.
إن حماية البيئة في السودان تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، من الحكومة إلى القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والشباب. يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لبناء مستقبل مستدام لأجيالنا القادمة.