مقالات الرأي
أخر الأخبار

اهمية ادارات الانذر المبكر وأجهزة قياس الراي العام في السودان ✍️ البروفسيور : فكري كباشي الأمين العربي

دل تسارع الاحداث الأخيرة في السودان خلال الفترة القليلة الماضية سواء كان على المستوى العسكري في الانقلاب على الحكومة الانتقالية او الاحداث المتصاعدة على المستوى المدني وابرزها تطور احداث شرق السودان انه لازالت تنقصنا في السودان وسائل الإنذار المبكر والتبؤ بالازمات وكذلك اليات قياس الراي العام، ونظرا للاهمية رايت ان افرد هذه المساحة لتناول ذلك الامر , خاصة انه في الوقت الذي تسعى فثه المجتمعات والدول والمجتمع الإنساني بأسره إلى تحقيق المنع الوقائي لحدوث الصراعات العنيفة، التي تؤرقه وتقض مضجعه، ولا بد لهذا المنع الوقائي أن يرتبط به بناء نظام الإنذار المبكر (Early Warning System) وذلك للتحذير المسبق من مخاطر الصراعات العنيفة. وتظهر أهمية هذا الموضوع في مساهمته في التنبؤ والإنذار المبكر حول احتمالية حدوث صراعات أو تجدد حدوثها. وعملية الإنذار المبكر تعني التنبيه لهذه المخاطر مبكرا، ومن ثم العمل على تعبئة كافة الموارد والإمكانيات السياسية والعسكرية والاجتماعية والإعلامية والثقافية وغيرها لمنع حدوثها.

وكذلك تكمن أهمية قياس الرأي العام في كونه يمثل أحدث قنوات الاتصال المباشر بين الحكومات والشعوب، وكما انه يعتبر أحد القنوات المهمة في استشراف تلك الرؤى الجماعية حيال قضايا وطنية أو مواقف جماعية أو مسائل مستجدة خاصة إذا ما كانت استطلاعات تجريها مراكز مهنية ومحترفة ومستقلة , وفي العصر الحالي فان مختلف الحكومات تولي أهمية كبرى لقياس الرأي العام، سواء من خلال قدرتها على استشراف رأي عام يمكنها من اتخاذ قرار سواء لتلبية حاجة مجتمعاتها، أو التعامل مع المشكلات المستجدة أو تصحيح رؤيته حيال القضايا التي يستهدفها هذا القياس ويمكن توضيح ذلك من خلال ما يلي:

أولا : ادارات الانذر المبكر : تقوم مؤشرات الإنذار المبكر بدور كبير في مساعدة المنظمات الحكومية والخاصة على إدارة الأزمات المحيطة بها ، ومن هنا أصبح لزامًا على الإدارات العليا في تلك المنظمات أن تقوم هي بنفسها بمتابعة ومراقبة تلك المؤشرات واتخاذ القرارات المناسبة حيالها ، لكن كثرة هذه المؤشرات وانشغال الإدارات بمهام التطوير والتنظيم يجعلانها مضطرة إلى أن تكلِّف غيرها بالمتابعة نيابة عنها، وهو الأمر الذي يمكن أن يتسبب في وقوع الأزمات نظرًا لسوء التقدير أو المتابعة ممن تم تكليفه بمتابعة تلك المؤشرات، وحيث إن من مهام الإدارات العليا الأساسية حماية المنظمة من هذه الأزمات ، فإن الأمر يتطلب إيجاد حلول عملية تجعل تلك الإدارات قادرة على متابعة ومراقبة مؤشرات الإنذار المبكر وفي الوقت نفسه قادرة على أداء مهامها الأخرى التطويرية . وتشكل أنظمة الإنذار المبكر خدمة وحماية للمجتمع الإنساني، إذا توافرت الإرادة الصادقة للقادة والمسؤولين عن إدارة شؤون المجتمعات والدول. ويجمع العلماء والباحثون والخبراء على أننا نعيش الآن عصر الأزمات والكوارث، حيث شهدت العقود الأخيرة وقوع العديد منها كافة المستويات العالمية والقومية والمحلية والمستويات الإقليمية والقطاعية وكذلك على مستوى الوحدات الاقتصادية وذلك على الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل فى دراسات التنبؤ بهذه الأزمات والكوارث وطرق مجابهة آثارها السلبية والاجتماعية والبيئية وبالتالي على النمو الاقتصادي وعلى القدرات التنافسية، الأمر الذي يؤثر على رفاهية الشعوب بشكل عام.

ثانياً: أجهزة قياس الراي العام: بدأ الاهتمام بقياس الرأي العام ( Public Opnion ) منذ أوائل القرن التاسع عشر عام ١٨٢٤م، حيث بدأت بعض الصحف والمؤسسات التجارية وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية بإجراء مقابلات واستفتاءات للرأي العام. إلا ان الولايات المتحدة الأميركية بدأت تمارس استطلاعها لآراء الجماهير منذ عام ١٩٣٠م بطريقة علمية ومنظمة باستخدام القوائم الانتخابية التي يتم فيها استفتاء الرأي العام، وحققت هذه الطريقة شهرة واسعة بعد أن أكدت قدرتها على التنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية التي كان يجريها معهد جورج غالوب لقياس الرأي العام عام ١٩٣٦م، الذي أُنشئ عام ١٩٣٥م، ثم مكتب بحوث الرأي العام بجامعة برنستون عام ١٩٤٠م على يد البروفيسور هادلي كانتريل، ثم تتابع إنشاء مراكز بحوث الرأي العام في الجامعات الأميركية ومنها جامعة شيكاغو وجامعة واشنطن، وبعد ذلك تألفت جمعيات كثيرة كالجمعية الأميركية لبحوث الرأي العام، والمؤتمر الدولي لبحوث الرأي العام والذي يضم في عضويته أكثر من ١٢٠ دولة، ثم تألفت مراكز بحوث عديدة لدراسة الرأي العام في أوروبا. وتفرض ديناميكية الرأي العام وتغيره المستمر على صانعي السياسات ومتخذي القرارات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، أو على المستوى القومي، أو المركزي أو المحلي، قياس الرأي العام تجاه القضايا المختلفة قياسا ً دقيقا ً وبشكل دائم ومستمر، وذلك بهدف معرفة الواقع الفعلي بحجمه ُ الطبيعي، وتقييم هذا الواقع والتوصل إلى الصورة الصحيحة بشأن القضايا والأحداث وما يتبعها من معلومات وآراء واتجاهات، ولا شك ان القياس الدقيق لاتجاهات الرأي العام لدى الجمهور العام أو لدى فئات مختارة منه سيتيح الفرصة للحكومات المختلفة وأجهزة الدولة في اتخاذ قراراتها على ضوء الحقائق الموضوعية، كما يسمح للدولة والمنظمات المختلفة فيها أن توجه الرأي العام توجهاً سليماً، وأن تحشد قوته وتركزها لتتجه اتجاهاً مساعدا لخطط التنمية لسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يتماشى مع الاتجاهات الحديثة في التأثير على الرأي العام.

البروفسيور : فكري كباشي الأمين العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام