عبدالماجد عبدالحميد .. آخر تحديث للعبودية (٦) – شـــــــوكة حـــــــوت – ✍️ ياسر محمد محمود البشر
*يواصل دكتور الطيب احمد هارون مؤلف كتاب الجزيرة أبا همس التاريخ يواصل سرده قائلاً أن سبب ظروف العمل وإختلاف مردوده في الجزيرة كانت هنالك مشاحنات بين مجموعة العمال (المهاجرين) الذين يرون انفسهم افضل لانهم يرون عملهم في خدمة (السيد) عبدالرحمن ومشاريعه عبادة يتقربون بها الي الله و(الانصار) الذين يرونهم غير ذلك اي أن المهاجرين العمال مظلومين ولايحسون بظلمهم وفي موضوع علاقات الانتاح هذه يقول أزرق ربما تعجز أدوات التحليل المادي عن فهم علاقات الانتاج التي تبنتها (الدائرة) في تلك المرحلة ذلك أن (دائرة المهدي) لم تتبنى ذلك النوع من الاقطاع الذي ساد في اوروبا في القرون الوسطي ص (٧٨) وحتي لا تبدأ الشكوك تتسرب الي العمال بانهم مظلومون وحتي لا تتاثر مصالح الدائرة الاقتصادية حاول (السيد) عبدالرحمن التوفيق بينهم بوصف علاقات الانتاج بين الدائرة وعمالها بأنها قائمة علي أسس أبوية (وليست سُخرة) وقال إن الفرق بين الانصار والعمال هو (أن الانصاري مثل ولدي الذي زوجته وفرز عيشته ويجاورني بالبيت ويشاركني بطعامه والعامل مثل ولدي الذي لم ازوِّجه وما فرز عيشته ومقيم معي في البيت جهدنا وصرفنا واحد) أي أنها قائمة علي أسس ابوية وليست استغلالية اقطاعية كما هو حادث” ص (١٠٩)*
*لقد كان السيد بارعا في إخراج نفسه من المطبات استمر نظام السخرة المذكور حتي سنة ١٩٣٥ عندما أضرب عمال الدائرة مطالبين بنصيب واضح من انتاجهم وتمت استجابة جزئية لمطالبهم فصرف لكل عامل رطل عيش وسبعة عشر قرشا ونصف وبعد مطالبات مستمرة ارتفع الاجر حتي وصل (٧٥) قرشا في الشهر بعد اربعة سنوات من المطالبة وتجمد عندها لمدة (١٦) عاما حتي سنة ١٩٥٦ حين استبدل بنظام الشراكة ويجدر بالذكر ان تعديل المستحقات لم يشمل النساء العاملات ومن اجل المقارنة فقد كانت يومية العامل في عام ١٩٤٠ تبلغ ثمانية قروش في اليوم (انظر صديق امبده ١٩٨٩) (اللا معقول في مجانية القبول – جامعة الخرطوم) وعليه يكون استحقاق العامل في الشهر (٢.٤) جنيه مصري اي أن (السيد) عبدالرحمن كان يدفع للعمال بعد الاضراب حوالي ٧% من مرتبات امثالهم في اماكن اخري وحتي بعد رفعها الي (٧٥) قرش وتجميدها لمدة (١٦) عاما فقد كانت في حدود ٣٠% من مرتبات امثالهم علما بأن مزارعي مشروع الجزيرة وهم لايملكون سوي سواعدهم كانوا يشاركون بنسبة ٤٠% من الارباح ونتيجة لتلك الاوضاع فقد حدثت عدة اضرابات احتواها (السيد) عبد الرحمن بحصافته وذكائه*.
*لكن رغما ذلك غادر عدد من العمال وبعض صغار مهندسى الجزيرة أبا والدائرة ومن بينهم هرون حامد الذي التحق بالمدرسة الصناعية في عطبرة وتخرج منها سنة ١٩٣٣ بعد تخرجه التحق هارون بالدائرة بمرتب يبلغ (ثلاثين) قرشا في الشهر ورطل عيش في اليوم بينما نظراؤه في عطبرة يبدأون بمرتب قدره (جنيهين) ويرتفع الي ستة جنيهات بعد إجتياز فترة الاختبار بعد اربعة سنوات وصل مرتب هارون في دائرة المهدي الي (٧٥) قرشا في الشهر (نفس اجر العامل الذي لم يفك الخط) لكنه استقال من الدائرة وذهب الي كوستي والتحق بعمل اخر بمرتب اجمالي بلغ (سبعة) جنيهات ونصف أي أن الدائرة كانت تعطيه حوالي عشرة في المائة(١٠%) من مرتب زملائه في الاماكن الاخري ومما يجدر ذكره أن لائحة شروط خدمة شركة (دائرة المهدي) الزراعية توضح أن موظفي الشركة يتمتعون بشروط خدمة مغرية ومتميزة مقارنة بالشركات الاخري في ذلك الوقت (انظر ازرق ص (٧٢) والسؤال الذي يمكن طرحه هو لماذا والامر كذلك لم يمنح هارون مرتبا مجزيا ؟ ربما يعود السبب إلي أن (السيد) عبدالرحمن لايريد أن يتسبب تطبيق الشروط المتميزة علي أمثال هارون في أن يكون هو وغيره قدوة لغيرهم من أبناء الانصار فتضعف بذلك السيطرة علي الانصار وعلي ابنائهم والله أعلم*.
*وفي عام ١٩٢٢ فكر (السيد) عبدالرحمن في الاستفادة من أبناء العمال الصغار أعمار (٧ــٕ ١٦) سنة في أعمال الزراعة في مشاريعه وصاروا يُجمعون كل صباح في مكان معيَّن ثم يحرَّكون للمشاركة في عمليات الزراعة وتمت تسميتهم (بأولاد النظام) وتطور تنظيم الاولاد الي معسكرات بغرض تدريبهم علي اتباع الاشارة وطاعة أوامر (السيد) عبدالرحمن فتم إنشاء معسكرات لهم ليقيموا فيها إقامة دائمة منفصلين عن ذويهم بموافقتهم أولاً بالقرب من غار(المهدي) علي شاطئ النيل الابيض في عام ١٩٣١ وفي العام التالي نقلت الدائرة المعسكر الي أرض الشفا وكان المسئول عنهم الشيخ يعقوب ابو نفيسة كان برنامج الاطفال اليومي العمل في المزارع من الشروق الي الظهر وفي المساء يذهبون الي الخلوة واستمر ذلك البرنامج حتي توقف معسكر اولاد النظام في عام ١٩٤٧ويقول الكاتب أن معسكر اولاد النظام هو المحضن الذي يفرخ المزراعين والفنيين في المهن التي تحتاجها الدائرة في ورش الاحذية والسروجية واعمال النسيج ص (١٥٠)*
نــــــــــص شــــــوكـة
*ومن مشاركات اولاد النظام الخارجية مشاركتهم في لقيط القطن حينما نقل (١٥٠) منهم الي مشروع قندال في النيل الازرق في عام ١٩٣١ وبعدها اعيدوا الي معسكرهم في أبا كما شاركوا في اعمال الدائرة في مشروع ام دوم الزراعي من بين اعمال اخري*.
ربــــــــــع شـــــــوكـة
*التاريخ لا يعيد نفسه لكنه محطة يجب التوقف لتحصين الحاضر وبناء وطن معافى شعاره إن الفتى من يقول هأنذا ولا يقول كان أبى*.
تعليق واحد