إذاعة شندي..إقلب القدر على فمها – مسارات – ✍️ محفوظ عابدين
لاخوتنا في شمال الوادي(مصر أم الدنيا) قدرة على إطلاق الامثال وبين كلمة وكلمة يكون هنالك مثلا ،ولم يكن لهم مثيلا في جنوب الوادي إلا السيد رئيس الوزراء الاسبق ورئيس حزب الأمة الصادق المهدي الذي يمتلك قدرة على إطلاق الأمثال، واحيانا تكون له أمثال خارج النص أو ذات إيحاء مثل(البوخة) وغيرها.
ومن الامثال المصرية التي تطلق على تشابه المواقف أو تشابه الطريقة في العمل أو مثل ذلك فتجد المثل الأفضل أو المناسب هو (إقلب القدر على فمها تطلع البنت لأمها).
تذكرت هذا المثل وانا حضورا في (حدائق) اذاعة شندي يوم الاثنين و هي تشهد ،تكريم ثلة من المهندسين في قطاع الكهرباء انجزوا تركيب وتشغيل محول الكهرباء الجديد
وقد احسنت لجنة التكريم اختيار المكان ولن تجد بالتأكيد أفضل من حدائق اذاعة شندي لان الإذاعة هي تعبير عن وجدان مجتمع السودان وهي تجتمع عندما كل قلوب المستمعين ،وعبقرية المكان هي تعبير عن اجماع الأمة وعندما يكرم فرد أو جماعة من داخل حدائق الإذاعة فهذا تعبير عن المجتمع.
واذاعة شندي وهي تقيم هذا الاحتفال ومن قبلها كان الاحتفال بالذكرى 12 لتأسيس اذاعة شندي من حدائقها ،فهذا الأمر ذكرني بالإذاعة ( الام ) اذاعة أمدرمان التي كانت تقيم عددا من برامجها من حدائق الإذاعة وتنقلها على الهواء خاصة في فترة الظهيرة ويتابعها جمهور كبير من المستمعين خاصة في أيام الأعياد أو العطلات ذات اليوم الواحد.
والتشابه بين حدائق الإذاعة السودانية في أمدرمان وحدائق إذاعة شندي وهو الذي قادني لاستحضار هذا المثل المصري( إقلب القدر على فمها تطلع البنت لامها).
وليس الحدائق وحدها التي تجمع بين اذاعة أمدرمان واذاعة شندي فالخريطة البرامجية ونسب تقسيمها وتوزيعها على ساعات البث وانت تسمعها في شندي كأنك تسمعها في اذاعة أمدرمان ولكن هناك بصمة مميزة قد لا يعرفها إلا صاحب الاذن المرهف والحس الرفيع …بان هناك فرق
وكان لإذاعة أمدرمان ان تواصل بثها من اذاعة شندي بعد التوقف البث من الاستديوهات الرئيسة في أمدرمان ، بعد الحرب ،وكانت كل واحدة تقدم خدمة للاخرى في حالة إنطلق البث القومي من شندي فامدرمان كانت ستسكب خبرة السنين وتضيف بنجومها ألقا على شندي وإن شندي ستمتلك مكتبة واسعة الثراء لان المنتج من كل الافكار والخبرات سيكون اضافة إليها وهي تقدم المكان وقليل من الإجهزة الفنية ليضاف إليها المزيد وتجد شندي فرصة لزيادة ساعات البث ومساحته دون ان (يقطع نفسها) وهي تلاحق تغطية الزمن بخريطة برامجية دسمة تجعل المستمعين حصريا عليها وإن مؤشر الراديو سيكون باق في مكانه طوال ساعات البث.
والعلاقات بين شندي وامدرمان ممتدة عندما دفعت شندي بإبنها المذيع حسن عباس صبحي ليصبح علامة من علامات السودان وهو ينتقل الى هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
وقدمت شندي الى اذاعة أمدرمان المذيع حسن سليمان من الدويمات وقدمت الفنان الطيب عبدالله والذي كان احد موظفي اذاعة أمدرمان والعلاقات ممتدة عبر الاجيال وعبر كثير من الأسماء بين شندي وامدرمان في مجال العمل الأذاعي.
واليوم يتحسس المدير العام لاذاعة شندي المهندس النذير محمد أحمد سليمان الطريق ليجعل هذا التشابه ماثلا بين اذاعة أمدرمان وشندي وهو يحاول ان يوظف الوجود الكمي لمؤسسات مثل جامعة شندي مستفيدا من التنوع الاكاديمي والمواهب الفردية من داخل مجتمع الجامعة ويجعل من حركة الضيوف القادمين الى شندي أثرا إعلاميا باقيا بين رفوف إرشيف المكتبة الاذاعية ويجعل من التنوع الابداعي للوافدين بعد الحرب يلامس أذان المقيمين بفهم جديد وتناول مختلف يقدم مادة في طبق غير المعتاد ليكون ذلك اضافة جديدة للمائدة الاذاعية
ونجح المهندس النذير في ذلك لان يملك بين يديه مفاتيح التعامل مع الأخرين، ولا يتعامل بردة الفعل التي تذهب بالفكرة ،ويمتص كل فعل يحاول ان يذهب بالابداع الى مواقع اخرى ولايجد مكانا أفضل من استديوهات اذاعة شندي التي كادت ان تكون هي اذاعة أمدرمان ولا يوجد مثلا كاد ينطبق عليها واذاعة أمدرمان إلا( إقلب القدر على فمها تطلع البنت لإمها).