1/* تلاحظ وبعد ارتكاب المليشيا لمجزرة قرية ودالنورة ظهور وتنامي حملة شرسة ومنظمة على قيادة الجيش وعمل القوات في الميدان في مواقع التواصل الإجتماعي وتمددت الحملة لتستهدف الكتاب والصحفيين وأصحاب المنصات الداعمة للقوات المسلحة وللأسف كان لها أثر واضح وتمكنت من تغيير قناعات بعض من يدعمون الجيش (على حرف) والامثلة موجودة.
*2/* نرجو الإنتباه للأمر والتحوط واليقظة لهذا المخطط، فدائماً
نجد في مثل هذه الحملات وارتباطها بما ترتكبه المليشيا من انتهاكات أن هناك رابط خفي يوجه الأمور نحو بلوغ نقطة “فقدان الثقة بين المواطن والجيش”، وصولاً إلى درجة تفتيت التلاحم الشعبي وتثبيط عزم المقاومة الشعبية وبالتالي إضعاف المجتمع والدولة، وهذا يفسر ان خطة الجنجويد من ارتكاب المجازر تتم بالتخطيط والتنسيق مع عملاء تقدم ودعاة ايقاف الحرب لدفع الأمور نحو الحافة والدعوة إلى التدخل الدولى وأن خطتهم تعتمد على تشتيت جهود القوات المسلحة الرامية لإستعادة مدينة ودمدني ولذلك نجدهم يتحولون لإستهداف القرى الآمنة والانتشار حولها وتوسيع هجماتهم على المدنيين وبشراسة مقصودة كمحاولة لتعطيل عمل المتحركات وهذه الخطوة في نظرهم تمثل ورقة ضغط حتى يجعلوا الجيش يتسرع في رد الفعل ومطاردتهم وبالتالي تتحمل القيادة أعباء جديدة وبالتالي تتحمل المتحركات مهام جديدة.
*3/* مثل هذه الأفعال والمجازر يجب أن تُقابل بإنتهاج سياسة صارمة، وخطة ومقاربات حاسمة، ونظرية جديدة حيال هذه الأفعال، وجعل مرتكبيها يدركون أن أي مجابهة مع المواطن ستكون لها دائماً عواقب “باهظة الثمن” وأنها ستؤدي إلى الخسارة حتماً، وبحيث تصبح هذه النظرية نظاماً متكاملاً في ذاته يعمل لتحقيق *«الروع والردع»* والذي يعني حمل الممليشيا ومرتزقتها ومسانديها على الإحجام على القيام بمثل هذه الإنتهاكات مستقبلاً، من خلال إبراز “مخاطر أكبر وزناً” من الكسب الذي يجنونه من السرقة والنهب والتفلت، حتى ولو إستدعى الأمر مهاجمة هذه المليشيا في قواعدهم وارتكازاتهم القريبة والبعيدة.
*4/* لا سبيل لدرء ظواهر هجوم المليشيا على القرى الآمنة الخالية من التواجد العسكري إلا بالتحرك على نطاق واسع من خلال العمل المتزامن لجميع متحركات ووحدات القوات المشاركة في حرب الكرامة في الجزيرة وكردفان بجانب الطيران والمدفعية، لخلق حالة عقلية لدى المليشيا المتمردة، تتمثل في التهديد وقدرة الجيش على ضربهم وكشف ومعرفة من يقف خلفهم ويدعمهم لتحقيق أجنداته وأغراضه، ولن يتحقق النجاح لهذه الأعمال إلا بالإبتعاد عن التسرع فقد تعودنا في السودان على العمل بمنهجية ومفهوم خاطئ يجعل “الإستراتيجيات تتبع التكتيكات”، وهذا خطأ كبير، فالتكتيك وسيلة من وسائل تطبيق الأستراتيجية، وبمعنى أخر يجب علينا أن نعكس الصورة، بحيث ندع التكتيكي يتبع الإستراتيجي لا العكس، فالصحيح هو أن “الإستراتيجية هي التي تختار التكتيكات”، وتوجه تقدم التكتيك لتمكنه من القيام بدوره للوصول إلى النتيجة الحاسمة والمرجوة، وهذا ما نريده ونطمح إليه في أن يتم التطبيق السليم في كل الحالات المرتبطة بأعمال القتال وحتى تلك المتعلقة بإختيار ردود الأفعال وأعمال الأمن والمخابرات، مع وضع قواعد اشتباك جديدة ومستحدثة تتناسب والمواقف الماثلة، فإنتهاج الإستراتيجيات الصحيحة والمداومة عليها وإتخاذ المباداة، تُعد من المبادئ التي تحقق الأهداف، ولذلك يجب أن يفكر الجميع بعقلية رجال الدولة والنظر العسكري الثاقب، وليس بالعواطف والإندفاع والإنطباعية وردود الأفعال المستعجلة.
عميد م/ ابراهيم عقيل مادبو