سبع إمارات اختزلهم محمد بن زايد في إمارة أبوظبي بعد سيطرته على الحكم واستحواذه على القرار الإماراتي منذ سنوات، الطمع في الحكم والسعي للسلطة عبر الطرق المشروعة وغير المشروعة أمر وارد حدوثه في بلدان عديدة، وكان التاريخ شاهدًا على مدار العصور عن قتل الأخ لأخيه وسجن الابن لأبيه للوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها ولكن كان الشر دائما لا يتعدى حدود هذه البلدة أو تلك. ولكن في حالة إمارة أبوظبي وأخواتها في دولة الإمارات فقد استطاع محمد بن زايد أن يحول هذا الشر الداخلي لسرطان استشرى في بلدان الجوار بل امتد إلى قارات مجاورة ليمنح الإمارات لقبها الجديد عن جدارة “إمارات الشر”.
ضحايا محمد بن زايد وإمارات الشر في العالم العربي كثر والبداية كانت مع الصومال، حيث أعلنت حكومة أرض الصومال انفصالها عن حكومة الصومال المركزية في مقديشو في تسعينات القرن الماضي، ولاقى هذا التمرد الانفصالي رفضًا عربيًا ودوليًا واسعًا إلا من دولة واحدة سعت بقوة إلى دعم انقسام الصومال، فبدأت الإمارات بتدريب جنود المتمردين علانية وبشكل رسمي.
وكانت الدولة الوحيدة التي فتحت فيها قنصلية رسمية لحكومة أرض الصومال الانفصالية وتطور الدعم الإماراتي لمخطط التقسيم لإنشاء قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة بربرة والسيطرة على الميناء هناك وتجاهل كل نداءات حكومة الصومال المركزية في مقديشو للتوقف عن دعم المتمردين والحفاظ على وحدة الصومال.
أنور قرقاش الوزير الإماراتي قال في 2018، :” إن بلاده تدعم وحدة الصومال وتسعى للحفاظ عليه “، ولكن الحقيقة أن الإمارات مستفيدة وبشكل واضح من هذا الانقسام الصومالي، حيث سيطرت على ميناء بربرة وعقدت اتفاقية شراكة بقيمة 300 مليون دولار في ميناء “بوصاصو” المسيطر عليه من قبل الحكم الانفصالي في الصومال.
في اليمن، قالت الإمارات منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم في أبريل/ نيسان من عام 2015 أنها شاركت في التحالف العربي إلى جانب الحليفة الكبرى السعودية، من أجل الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه ولوقف التمدد الإيراني داخل اليمن والمتمثل في دعم الحوثي وميلشياته، ولكن اتضح للجميع أن مخططًا خبيثًا لتقسيم اليمن قد بدأته إمارات الشر منذ اليوم الأول لها، فمع مرور أول عام من عاصفة الحزم كانت اليمن على موعد مع تدريب الإمارات لأكثر من 90 ألف جندي أطلقت عليهم بعد ذلك “قوات الحزام الأمني”، وهي قوات يمنية تدين بالولاء التام لدولة الإمارات.
ولم يمض بعدها إلا عام واحد حتى أنشأت الإمارات كيانًا أطلقت عليها المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة اليمنية الجنوبية المؤقتة عدن وفي الأيام الأخيرة أعطت الإمارات الضوء الأخضر لهاني بن بريك ورفاقه في هذا المجلس للهجوم على قوات الشرعية في اليمن والسيطرة على مدينة عدن، ومن ثم الإعلان عن تقسيم اليمن إلى يمن جنوبي ويمن شمالي، لنعود مرة أخرى إلى ما قبل توحيد اليمن في عام 1990.
ولكن ما بين عاصفة الحزم وبين الإعلان الإماراتي اليمني عن تقسيم اليمن هناك الكثير من النفوذ والتمدد الإماراتي داخل الأراضي اليمنية وتحديدًا في مناطق الملاحة البحرية والموانئ فقد سيطرت الإمارات بشكل فعلي على ميناء عدن وفرضت سيطرتها أيضًا على جزيرة سقطرى، وقال مستشار ابن زايد عبدالخالق عبدالله عبر حسابه على “تويتر:” أن أمر سقطرى محسوم منذ زمن”.
في ليبيا، لم يختلف الأمر كثيرا عن اليمن والصومال فقد استطاعت إمارات الشر أن تحول ليبيا إلى دولتين وعاصمتين بالفعل، وذلك على أرض الواقع حيث خليفة حفتر في بنغازي شرق ليبيا مدعومًا من الإمارات ومصر وفرنسا وعدد ليس بالقليل من القبائل.
وهناك في الغرب في العاصمة الليبية طرابلس يقبع فايز السراج وحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا مع دعم قبلي آخر ليس بالقليل أيضًا، ولكن الأزمة الأكبر من دعم الإمارات لحفتر ومليشياته هي التقارير التي تحدثت عن دعم أبوظبي لقبائل التبو الليبية، التي يبلغ تعدادها أكثر من 350 ألف وتسيطر على غالبية المناطق الحدودية الجنوبية في ليبيا، وتستعين بمرتزقة أفارقة للقتال معها، وهي قبائل تدين بالولاء لخليفة حفتر.
اللافت للنظر أن دعم الإمارات لهذه القبائل تحديدًا يأتي من أجل هدف أكبر، وهو تقسيم حقيقي للأراضي الليبية على غرار دولة جنوب السودان فقبائل التبو أعلنت مرارًا وتكرارًا رغبتها العارمة في الانفصال عن ليبيا والإعلان عن دولة مستقلة.
الدولة التي لا تستطيع الإمارات أن تنتهي بها إلى تقسيم جغرافي واقتتال داخلي تحاول السيطرة عليها اقتصاديًا أو سياسيًا بدعم طرف ضد الآخر أو باستحواذ على قطاعات بعينها وما حدث في مصر خير شاهد على ذلك، فالبداية كانت من الدعم الإماراتي لحركة تمرد لإسقاط التجربة الديمقراطية الأولى بعد ثورة يناير، كما ظهر في تسريبات صوتية سابقة أذعتها فترة عملي في قناة “مكملين” الفضائية ثم دعمها المالي الكبير للانقلاب العسكري كما ذكر السيسي قبل ذلك.
وأثبتت التسريبات أيضا دعم الإمارات للنظام العسكري بأكثر من 20 مليار دولار بعدها انتقلت الإمارات لمرحلة أخرى وهي السيطرة والاستحواذ الاقتصادي، وقد ظهر ذلك جليًا في مجموعة من الوثائق المسربة التي نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في 2016 تحدثت عن محضر اجتماع بين محمد بن زايد ومستشاريه ناقشوا خلاله خطة الإمارات للسيطرة على ثلاثة قطاعات رئيسية داخل مصر؛ وهي الصحة والتعليم ومراكز الأبحاث وهو ما ظهر جليًا بعدها في استحواذ الإمارات على أكبر المستشفيات الخاصة ومعامل التحاليل الطبية في مصر.
إمارات الشر وعاصمتها أبوظبي قادت طوفان الثورة المضادة التي استطاعت من خلاله السيطرة وتدمير الموجة الأولى من ثورات الربيع العربي، تارة بالتقسيم الجغرافي وتارة بالاستحواذ الاقتصادي وتارة أخرى بالدعم المالي والعسكري لحركات التمرد ودعاة الانفصال.
ويرى البعض أن الإمارات تنفذ أجندة إسرائيلية لتقسيم الدول العربية