مقالات الرأي
أخر الأخبار

من يقف وراء الأخبار المغرضة والشائعات؟ ولماذا نصدقها بسهولة؟ – شئ للوطن – ✍️ م صلاح غريبة

تنتشر يوميا وسط الجالية السودانية بمصر، اشاعات مغرضة تهدف لاحداث هلع وقلق وسط أفراد الجالية، وتنتشر سريعا بسبب أصحاب (النسخ واللصق) وبعض المنتسبين زيفا للإعلام، وفي عصرنا الحالي، باتت الأخبار المغرضة والشائعات تنتشر كالنار في الهشيم، مستغلةً منصات التواصل الاجتماعي وسرعة انتشارها لزرع بذور الفتنة والتشكيك في نفوس الناس، ولكن من يقف وراء هذه الظاهرة؟ لماذا يتسرع البعض لتصديق هذه الشائعات دون التحقق من صحتها؟ وما هو دور الإعلاميين السودانيين في مصر لمواجهة هذه الظاهرة؟

 

من يقف وراء الأخبار المغرضة والشائعات؟

لا توجد إجابة واحدة محددة على هذا السؤال، فالأسباب وراء نشر هذه الأخبار متنوعة، بل هي شبكة معقدة تتشابك فيها خيوط جهات متعددة، منها جهات سياسية التي تسعى إلى استخدام الأخبار المغرضة والشائعات لتحقيق أجندتها الخاصة، سواء كان ذلك من خلال إثارة الفتنة بين مختلف فئات المجتمع، أو تشويه سمعة أشخاص أو جهات معينة، أو التأثير على الرأي العام أو الأحداث السياسية المهمة، وهذا واضح من الاخبار التى تمس السفارة السودانية والاشاعات المتتالية المتسارعة والتي تزامنت مع قدوم السفير الفريق أول أركان حرب مهندس عماد الدين عدوي لاستلام مهام عمله سفيرا للسودان بمصر، وهو رجل المؤسسة العسكرية السودانية والذي لا يعلى عليه.

تسعى بعض وسائل الإعلام، خاصةً تلك التي تفتقر إلى المصداقية والمهنية، إلى نشر الأخبار المغرضة والشائعات لجذب الانتباه وتحقيق المزيد من المشاهدات والربح المادي، حتى ولو بنشر تكذيب للاخبار لاحقا، وقد ينشر بعض الأفراد الشائعات دون قصد، بدافع الفضول أو رغبةً في مشاركة أخبار مثيرة للاهتمام، دون التحقق من صحتها، وقد تسعى بعض الجهات المعادية للدول أو الشعوب إلى نشر الأخبار المغرضة والشائعات لزعزعة الاستقرار وبث الرعب في نفوس الناس.

 

لماذا نصدق الشائعات بسهولة؟

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس يصدقون الشائعات بسهولة، منها الفضول، فبطبيعتنا، نحن ننجذب إلى الأخبار المثيرة للاهتمام، خاصةً تلك التي تتعلق بأحداث غير عادية أو مؤامرات سرية، غالباً ما نصدق الشائعات التي تُثير مشاعر الخوف والقلق، خاصةً في ظل الأزمات والكوارث، وفي بعض الأحيان، نصدق الشائعات لأننا نفتقر إلى المعلومات الموثوقة حول موضوع ما، مما يجعلنا نستسلم لأي معلومة متاحة، حتى لو كانت غير صحيحة، وقد نصدق الشائعات إذا جاءت من مصدر نثق به، مثل صديق أو فرد من العائلة أو شخصية مشهورة، دون التحقق من صحة ما يقوله، وقد نصدق الشائعات إذا سمعناها أو قرأناها مرارًا وتكرارًا، حتى لو لم تكن صحيحة.

 

يقع على عاتق الإعلاميين السودانيين في مصر دورٌ هامٌ في مكافحة الأخبار المغرضة والشائعات، وذلك من خلال التحقق من صحة المعلومات، ويجب عليهم التأكد من صحة المعلومات قبل نشرها، وذلك من خلال الاعتماد على مصادر موثوقة والتحقق من صحة البيانات والوقائع، ويجب على الإعلاميين نشر الوعي حول مخاطر الأخبار المغرضة والشائعات، وكيفية تمييزها عن الأخبار الصحيحة، ويجب على الإعلاميين دحض الشائعات بشكل سريع وواضح، مع تقديم المعلومات الصحيحة للجمهور، ويجب على الإعلاميين تعزيز ثقافة النقد لدى الجمهور، وتشجيعهم على التفكير المنطقي وعدم تصديق كل ما يقرأونه أو يسمعونه، ويجب على الإعلاميين التعاون مع الجهات المعنية، مثل الحكومة والمنظمات المدنية، لمكافحة الأخبار المغرضة والشائعات، ومنها موقع السفارة السودانية على النت وعلى الوسائط الرقمية المتعددة، أو التواصل مع جهات ذات مصداقية في ذلك.

 

تحدثت كثيرا عن ضرورة عودة المستشارية الاعلامية لسفارتنا بالقاهرة وتكوين مجلس إعلامي من الإعلاميين السودانيين ممارسي المهنة والمتواجدين بمصر، مع أهميةُ نشرِ ثقافةِ التربيةِ الإعلامية والتي تساعد في تنميةُ مهاراتِ التفكيرِ النقدي وتمكّنُ الفردَ من تحليلِ المعلوماتِ وتقييمِها بِشكلٍ موضوعيٍّ، والتمييزَ بينَ الحقائقِ والآراءِ، وتحديدَ مصادرِ المعلوماتِ الموثوقةِ، بجانب تعزيزُ المسؤوليةِ الإعلامية وتُحفّزُ الفردَ على استخدامِ الوسائلِ الإعلاميةِ بِشكلٍ إيجابيٍّ وبنّاءٍ، ونشرِ المعلوماتِ الصحيحةِ، ومكافحةِ الشائعاتِ والأخبارِ الكاذبةِ، وتُساعدُ الفردَ على إدراكِ مخاطرِ بعضِ المحتوياتِ على الإنترنتِ، مثلَ خطابِ الكراهيةِ والمحتوى الإباحيّ، وتُعلّمهُ كيفيةَ تجنّبِها والتصدّي لها، ودعمُ المشاركةِ الإيجابيةِ، فتُمكّنُ الفردَ من التعبيرِ عن رأيهِ بِشكلٍ فعّالٍ ومُؤثّرٍ، والمشاركةِ في الحوارِ العامّ بِبناءٍ وإيجابيةٍ.

 

آلياتُ نشرِ ثقافةِ التربيةِ الإعلامية من خلال دمجُ التربيةِ الإعلاميةِ في المناهجِ التعليميةِ لضمانِ حصولِ جميعِ الطلابِ على المعارفِ والمهاراتِ اللازمةِ للتعاملِ معَ الوسائلِ الإعلاميةِ بِشكلٍ فعّالٍ وتنظيمُ برامجَ توعويةٍ مُوجّهةٍ إلى مختلفِ فئاتِ المجتمع لرفعِ مستوى الوعيِ بأهميةِ التربيةِ الإعلاميةِ وكيفيةِ تطبيقِها في الحياةِ اليوميةِ، وإشراكُ الأسرةِ في عمليةِ نشرِ ثقافةِ التربيةِ الإعلامية من خلالَ تشجيعِ الحوارِ معَ الأبناءِ حولَ ما يتعرّضونَ لهُ من معلوماتٍ عبرَ الوسائلِ الإعلاميةِ، وتوجيهِهم نحوَ الاستخدامِ الأمثلِ لهذهِ الوسائلِ، واستثمارُ إمكانياتِ الوسائلِ الإعلاميةِ لنشرِ التوعيةِ، من خلالَ إنتاجِ برامجَ وأفلامٍ تهدفُ إلى شرحِ مفاهيمِ التربيةِ الإعلاميةِ وأهميتها، وتقديمِ نصائحَ حولَ كيفيةِ التعاملِ معَ المعلوماتِ بِشكلٍ نقديٍّ.

معًا لننشرْ ثقافةَ التربيةِ الإعلاميةِ ونُصنعْ مستقبلًا أفضل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!