رحم الله المجاهد محمد صديق الذي لم يخف في قول الحق لومة لائم ولم يبدل قوله منذ وقوفه مع الشارع في ثورته ضد الظلم والفساد ظل صامداً ومرابطاً حتى أخذ الله أمانته لم ينظر إلى رتبته ومنصبه ولم يركن إلى الدنيا، كان ملهماً للثورة وشبابها في حياته وفياً شجاعاً في ثباته ومواجهته للعدو ، في وقت باع فيه خونة الوطن وعبدة المال وعملاء الداخل والخارج قضيتهم بدراهم لاتغني ولاتسمن من جوع ، إن في استشهاد محمد عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه خيانة الوطن في وقت تنوعت فيه الخيانة وتنصل فيه كثير من الناس عن مسؤولياتهم تجاه هذه الأرض وساكنيها وبعضهم عجز حتى عن قول الحقيقة واتخاذ موقف واضح تجاه الحرب الدائرة التي ذاق مرارة ألمها المواطن السوداني فاقداً ماله وأرضه وقوته ومازال الفقد مستمراً.
برغم الحزن والألم على فقد محمد ورفاقه إلا أن هذا الفقد لن يزيد شرفاء الوطن إلا ثباتاً وعزيمة وقوة وإقداماً في سبيل تحرير هذه الأرض من هئولاء الدخلاء الذين لادين لهم ولا أخلاق، ومن غير أن ندخل في تفاصيل الحرب وعملياتها من خلال الملاحظات وتفاصيل الأحداث خلالها يبدو أنه من الواضح أن هنالك جهات داخلية وخارجية تتغلغل داخل مناطق العمليات تعمل على تقوية ودعم التمرد بشتى الطرق ولابد من كشف وفضح هذه العناصر حتى لا يذهب دم محمد ورفاقه هدراً وتذهب مجهودات المقاتلين سدىً.
تحمل محمد صديق مسؤولية وطن وشعب كاملة وقاتل حتى مات من أجلها وظل راسخاً في حياته وبعد مماته ولعل في ذلك رسالة لكل مسؤول يتولى منصب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان نقول له إن الأمر ليس بالعسير أن تعمل من أجل من ولاك الله على أمرهم وحل قضاياهم والتيسير عليهم فالأمر لا يتطلب سوى أن تكون صادقاً في خدمتهم .
إن شجاعة واقدام وصمود محمد هي ما نحتاجه في كل الاتجاهات والجبهات وجميع قضايا وأزمات السودان نحتاج لرجال عازمين على صون كرامة أرضنا قبل أن ينظروا لمصالحهم أن يعملوا بجد واجتهاد وجهاد من أجل من لايجدون سكناً ولا مأوى ولاطعام ، أن يحملوا هم هذا الوطن ويضعونه في حدقات عيونهم.