هل لدينا فعلا إستراتيجية لادارة اقتصاد الحرب ، و لماذا لا تنخفض الاسعار بانخفاض سعر الصرف ..؟! #البعد_الاخر ✍️ مصعب بريــر
» تابعت باهتمام نقاش قيم بقروب الاقتصاد السودانى رؤى مستقبلية ، حول تباين سرعة ارتفاع اسعار السلع بالسوق حال ارتفاع صرف الدولار وبشكل تلقائى غريب ، وعدم انخفاض اسعار السلع عند انخفاض سعر الصرف ، و هى ظاهرة مقلقة ارتبطت بالسوق السودانى منذ امد بعيد تكاد تكون غير مبررة او مفهومة من المنظور الاقتصادى ..
» تحت عنوان تحسن قيمة الجنية السوداني نسبيا و استمرار اسعار البضائع دون نزول ، يقول احد المتداخيلن من خبراء الاقتصاد ، من يراقب تجار البضائع ، السماسرة وتجار الأزمات يرفعون اسعار البضائع علي كل راس ساعة ايام تدهور الجنية السوداني ، و لكنهم يستمرون دون استجابة لانخفاض سعر العملات و تحسن الجنية السوداني ، تجعل نظرية حرية السوق غير مناسبة تماما للسوق السودانى ..
» ويضيف قائلا ، مثل هذه الأيام طلع السوق ولم ينزل بصورة واضحة ، فتجد الاسعار للمستهلكات اليومية في نفس السوق يختلف سعرها من دكان الي دكان ، و اختلاف واضح أي ان الأمر متروك لضمير التاجر ، ويتساءل الخبير ، اين دور الدولة ، و اين دور الغرفة التجارية ، ويجزم بان الوضع ماشي من غير أي رقابة .. و يوضح قائلا ، فى كافة اقتصاديات السوق الحر التى نقلدها الان دون مرجعيات حاكمة ، مثلا نجد ان السلعة x وضع عليها التاجر سعر 9.99 دولار ، نفترض ان ذات التاجر غير السعر وكتب 50 دولار ، السوق لانو حر الدولة ما ح تسألو ، لكنه لن يستطيع أن يبيع بهذا السعر ، لانو في منافسة حرة ، و في تجار غيره كثر عارضين السلعة بسعر 9.99$ ..
» اما نحن في السودان البستوردوا السلع محتكرين معينين ، فئة معينة تنشط في سلع استراتيجية هم من يحددوا السعر للتجار ، و التجار يبيعوا بسعر المستورد المحتكر ، يعني ما عندنا منافسة حرة لانو من بداية استيراد السلعة هنالك احتكار ،
لذلك عندما تنخفض أسعار السلع عالميا ، المستورد لدينا لا يفهم هذا ولا يريد لسلعته ان تنخفض قيمتها مهما كانت الأسباب ، و الدولة تقف هنا عاجزة امام المستوردين و التجار ..
» متداخل اخر يقول ، لا يوجد احتكار في الاستيراد الا عند السلع التي لديها وكيل توزيع في السودان ، و في هذه الحالة يكون الوكيل ملزم بسعر الشركة الموكلة له ، عشان الشركة دايرة تسويق فبتلزمه بالسعر الاعلي ، لكن انا اصلا بعمل بالميناء في الضرائب ، ف مافي احتكار بل العكس حتي اسماء الاعمال بتستورد ، فقط اسم عمل و ليس شركة ، بل هنالك من يستورد و هو اصلا ليس تاجر ، بل هو مواطن بيستورد فقط برقمه الوطني .. و نحن ديل بنأخذ منهم الضريبة لانهم لا يسددوا ضرائب للدولة .. و يختم الان الخلط و المشاكل تاتى بكثرة الاستيراد و بدون توجيه ، لدرجة اصبحت تشكل المياه الغازية و مياه الصحة و الطحنية و الزيوت ، و بل سلع متوفرة اصلا تستورد و تشكل اضرار بالمنتج المحلي ..
» قصدت من خلال عكس هذا التباين فى تحليل اسباب عدم توازن اليات السوق المتمثلة فى العرض و الطلب ببلادنا لتبيان حجم الهشاشة التى نعانيها فى منظومة الاقتصاد الكلى ، فالوضع الحالى ناتج عن تفاعل عدة عوامل تجمعت كلها فى وقت واحد وأدت فى مجملها الى الوضع الذى نحن عليه الآن ، و الذى يتلخص فى عدم وجود دور فاعل للدولة ، و بطريقة أخرى ضعف دور الدولة فى متابعة الوضع الاقتصادى الكلى ، و هو ما يستلزم وجود مجموعة اقتصادية تجمع التخصصات المتكاملة لأداء الاقتصاد ، و تشمل السياسات المالية و النقدية و التجارية و هو ما يعرف بـ”الاقتصاد الكلى و الدولى” ، المختص بعلاقات الاقتصاد المحلى مع الاقتصاد الدولى فضلا عن التخطيط لدور كل قطاع مثل الزراعة و الصناعة و الخدمات فى أداء الاقتصاد الكلى ، و كذلك متخصصون فى التمويل و المالية العامة التى تعنى بالموازنة العامة للدولة ..
» هذه المجموعة المتخصصة يكمن دورها الاساسى فى مراقبة هذه المؤشرات للأداء الاقتصادى و تحقيق التنسيق و التكامل بينها لخدمة الأهداف الاقتصادية التى تضعها الدولة و المجتمع ، لكن الوضع الحالى لا يوجد فيه تنسيق و تكامل بين كل تلك القطاعات ، و ترتب على ذلك المتغيرات التى أدت الى الموجة التضخمية الحالية و نجملها فى النقاط التالية: ضعف الأداء الاقتصادى و انخفاض مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد القومى مما يؤدى الى وجود فجوة بين العرض و الطلب الذى تزايد بنسبة كبيرة دون مواكبة العرض بالنسبة ذاتها فيحدث التضخم ، و عدم استقرار الاقتصاد الكلى ، و الارتفاع فى الدين الداخلى بسبب العجز المتتالى و المستمر فى الموازنة العامة للدولة ، و تذبذب سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخرى ، مع اعتماد إنتاجنا بنسبة مؤثرة على الاستيراد فترتفع تكلفته و بالتبعية سعره ، و عدم التوازن بين الأجر و الإنتاج خاصة فى قطاعى الحكومة و القطاع الخاص ، فكفة الميزان تميل فى معظم الأحوال ناحية الأجر على حساب الإنتاج فترتفع الأسعار ..
بعد أخير:
خلاصة القول ، السوق السودانى الان يعاني تشوهات اقتصادية قاتلة ، مع ضعف مراقبة ومتابعة اليات الدولة (وزارة التجارة و بقية مؤسسات حماية المستهلك و المواصفات و المقاييس و وزارة الصحة) ، كل هذه الجهات في السودان غائبة و بالتالي يكون المستهلك وحده من يتحمل سوء مواصفات السلع و ضعف جودتها ناهيك عن اسعارها الخرافية .. و أخيرا ، لابد من مراجعة إستراتيجية اقتصاد الحرب “ان وجدت” التى يتم اتباعها حاليا ، مع استثمار فرصة عودة صلاحيات جهاز الامن و المخابرات ، فقد اثبت الامن الاقتصادى كفاءة عالية سابقا فى قدرته على فرض قدر معقول من السيطرة على انفلات السوق ، و على الدولة رفع الاحتكار و الرسوم كليا عن السلع الاساسية خلال هذه المرحلة ..
ليس لها من دون الله كاشفة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا، و لا يرحمنا يا أرحم الراحمين
#البعد_الاخر | مصعب بريــر |
الاثنين (20 مايو 2024م)