والعقل السوداني الذي ينتج( الآمثال) و(الحكم) هو عقل مميز عن غيره لأن (المثل) الشعبي هو تعبير عن ذكاء فطري للانسان السوداني،ولأن( المثل) في حد ذاته هو (خلاصة) أو (زبدة) تختصر الكثير من الكلام والشرح ولهذا تأتي الامثال تطبيقا عمليا للمقولة (خير الكلام ما قل ودل) .
وفي القرآن الكريم عندما تأتي أيات ضرب الامثال للناس تتبعها لعلهم (يعقلون) ولعلهم (يتفكرون).
والسيد الصادق المهدي زعيم طائفة الإنصار ورئيس حزب الامة القومي عليه الرحمة ،كان يكثر في احاديثه الجماهيرية أو النوعية من ضرب (الامثال) لتوصيل رسالته (السياسية) ان كان (للنخبة) أو (العامة) مثل( النبق لمن سبق) و (اكلوا توركم وأدوا زولكم) ،و(بوخة المرقة) وغيرها من الأمثال
و(العقل) السوداني الذي انتج هذه( الأمثال) هو ذات (العقل) الذي هاجمه الجمهوري النور حمد عندما قال ان السودان لا يتطور إلا عندما يتخلى عن (العقل الرعوي) .وقد لايدري (حمد) هذا ،ان العقل الرعوي هو عقل فطري لم يتلوث بالافكار ( الغريبة)و(العجيبة) مثل النور حمد الذي ترك كل المناهج واتبع نهج الجمهوريين الذين كان يتزعهم محمود محمد طه.
والعقل الرعوي أنتج العديد العديد من (الامثال) و(الاقوال) و(الحكم) منها عندما يقول احدهم ان هذا الأمر واضح( لا تنطح فيه عنزان) أو عند يقول أحدهم ان فلان (صرروه ببعره) فهي تعني الكثير ،او يقول احدهم ان هذا الأمر لايخفى على( راعي الضأن في الخلا) وفي هذا الامر الاخير ( مدح) وليس فيه (قدح) لأن( الراعي) ذكاؤه فطري ، وراعي الضأن قد لايمتلك حيثيات أو شواهد أو معطيات ولكن قد يأتيك برأي سديد.
ومن الامثال التي قد تكون من منتوجات العقل الرعوي هو ذلك المثل الذي يقول ،ان الفرق بين ( المديدة) و(العصيدة) قبضة (دقيق)، وفي هذا المثل معاني كثيرة. مختصرة فيه.
ولان قبضة (دقيق) وهي ملء كف اليد يمكن ان تضيفها الى( المديدة)لتصبح (عصيدة) ،والمديدة والعصيدة هي من طعام أو مأكولات الانسان الرعوي و(المثل) كذلك من منتوجات العقل الرعوي.
ولان الشي بالشي يذكر لقد تابع الراي العام في نهر النيل وشندي على وجه الخصوص ما اشيع في مقطع فيديو انتشر بين الناس وفيه يتهم صاحبه مسؤولا حكوميا وتاجرا في شندي بالاستيلاء علي كمية من الدقيق كانت مخصصة للتكايا ولم يذكر صاحب المقطع إسم الجهة الشبابية صاحبة الدقيق إلا ان الجهة كشفت عن نفسها وهي مبادرة( اطعام وعلاج) حيث نفى المكتب الإعلامي للمبادرة علاقته بالفيديو وما جاء فيه ولكن أكد ( الواقعة) ان المحلية تصرفت في الدقيق وبالتالي فإن ماجاء في مقطع الفيديو وما جاء في بيان المكتب الإعلامي لمبادرة طعام وعلاج فيه تطابق في الجزئية المهمة وهي ان (الدقيق) المعد للتكايا حسب كلام الجهتين اصبح في عداد (المفقود).
وبالتالي فإن كلام مقطع الفيديو هو( مديدة)وبيان مبادرة اطعام وعلاج هو (مديدة) ولافرق بينها في تثبيت الواقعة وقد يحتاج واحد منهم الى قبضة (دقيق) ليتحول كلامه من (مديدة) الى (العصيدة) لكي يكون هنالك( فرقا) و هذا هو (الفرق) سيدي القاريء.
