مقالات الرأي
أخر الأخبار

مجدي أمين نموذج حي للأمل و الإخلاص في زمن تلاشت فيه هذه القيم – همس الحروف – ✍️ الباقر عبد القيوم علي

لقد علمتنا الحياة أن أكثر الدروس التي يجب أن نتعلمها ، هي الأمل و حسن الظن في الله ، ففي عمق هذه الحرب التي محصت الرجال ، و كشفت الأقنعة عنهم ، أبرزت لنا نفاسة معدن من إحتفظوا بنبيل القيم التي نحتاجها لتجاوز بها المحن ، فهكذا كانوا يثبتون لنا في كل لحظة أن أمر المؤمن كله خير ، في السراء أو في الضراء ، لأن حقيقة الإيمان هي الرضا بالقضاء والقدر ، فأمثال هؤلاء الرجال الذين يبرزون في الأوقات الصعبة ، فهم بمثابة شعاع من الأمل في عالم يعاني من الفقد في كل شي يحتوي على قيمة ، فهؤلاء هم السند ، و يمدون يد الإخاء دون أن تتطلبها منهم ، و يزرعون المحبة والطمأنينة في قلوب من حولهم ، فهم بالفعل سفراء إنسانية حقيقية ، و يمكن القول بأنهم أثبتوا لنا أن في أصعب الظروف تنبت أجمل العلاقات و أكثرها صدقاً .

 

فمن هؤلاء عرفنا رجل يدهشك بابتسامته المشرقة منذ الوهلة الأولى ، و تظل ملامحه هاشة و بشوشة ، و يملك قدرة عجيبة على إثبات وجوده في اي المكان ، فبمجرد حضوره تثبت لك ضحكته بأنها ليست مجرّد صوت عابر يعبر عن لحظة تستوجب الضحك ، بل هي إشراقة تبعث التفاؤل في النفس ، و يشعرك و كأنك تعرفه منذ سنوات ، رغم أن كل شيء بينكما جديد ، إنه مجدي أمين ذلك الشخص الذي يملك القدرة على فتح أبواب القلوب دون أن يبذل جهداً عظيماً ، فحسن معشره و طريقته في التعامل تجعل الجميع يشعرون بالراحة والطمأنينة لوجوده في المكان ، لأنه يمتلك قدرة فائقة على كسب قلوب الناس ، و يبرز ذلك منذ الوهلة الأولى كما أشرت لذلك آنفاً ، أنه رجل تمرس كيف يصل إلى أعماق الناس من دون أن يخبرهم بالكثير ، فهذا الرجل يملأ المكان بالود والترحاب ، ويجعل كل لحظة معه فرصة للخير و المودة .

 

مجدي أمين حينما يدخل إلى المكان ، يتحول كل شيء من حوله إلى مصدر للبهجة والراحة ، و كذلك نجد من كان سببا في معرفتنا به يقاسمه هذا الشيء ، و هذا ما يؤكد المثل الشائع الذي يقول : (الطيور على أشكالها تقع) ، فالأستاذ عاصم البلال كذلك يشعرك بأن كل شيء في الحياة يستحق أن يكون جميلاً ، لا يتكلف الأمور و كلاهما من نفس الطينة ، فنجد ان فرحتهم بلقاء الناس ليس مجرد ردة فعل عابرة للترحيب ، بل هو سلوك تربوي يتعلم الناس منهما فن التعامل ، و يوقظا في الناس التفاؤل ، ويُذكرا بأن الدنيا ما زالت بخير و أن وراء كل لحظة صعبة هنالك فرج و فرح .

 

حدثني أحد الإخوة من السفراء في وسط جمع من زملائه ، قال لي : حينما كنت في القاهرة ، واجهتني مشكلة في حسابي البنكي ، فقررت التواصل مع موظف في بنك الخرطوم عبر الهاتف ، لم أكن أعرفه شخصياً ، ولكنني أخبرته أنني من طرف فلان ، وهو شخص معروف لديه و قد تواصل معه سابقاً بخصوص مشكلتي ، فشرحت له الموضوع ، وبعد أن تأكد من صدقي و أني بالفعل الشخص المعني ، ساهم في حل المشكلة بكل أريحية وسرعة و تفاني ، مما جعلني أشعر بالاطمئنان و أنا بعيد عن بلدي .

 

و أضاف السيد السفير قائلاً : عندما عدت إلى السودان ، التقيت برجل في الفندق ، و كان هذا الرجل يملأ المكان بحيويته ، و عرفت من أحد الجالسين بأنه يعمل في إدارة بنك الخرطوم ، فحاولت أن أذكر له اسم ذلك الشخص الذي ساعدني في حل مشكلتي ، كي يحصل على الإشادة من كبار الموظفين أمثال هذا الرجل ، فقلت له إن اسمه مجدي ، ففاجأني بقوله: هل تعرف رقم هاتفه؟ ، فأجبته: ب (نعم). فقال لي: (اتصل به الآن ). ، وعندما اتصلت ، رن الهاتف في جيبه ، و حينها تأكدت أنه هو الشخص الذي أقصده .

 

استطرد السفير : (في تلك اللحظة ، أدركت أن شخصاً مثل مجدي لا يتكرر ، وأنه مثال حقيقي للصدق و الإخلاص و الوفاء ، و لا يمكن أن تمر مثل هذه المواقف دون أن تترك أثراً عميقاً في قلوب كل الذين يتعاملون معه ، فالشخص الذي يساعد الآخرين ، و يعكس كل معاني الإنسانية في تعامله ، هو بلا شك شخص يبقى في الذاكرة مهما مر الزمان .

 

هذا الرجل عندما تتحدث إليه ، تشعر و كأنك تحدث صديقاً قديماً ، رغم أن اللقاءات بينكما قد تكون قليلة ، فهو ذلك الشخص الذي يجعلك تشعر بأن الزمن لا يهم ، لأن قلوب تتواصل بلا حدود كما قيل في الأثر : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) ، فلديه القدرة الفريدة على كسب الناس ، ليس بالكلمات وحدها ، بل بالاحترام و الصدق اللذين ينقلبان إلى محبة تلقائية ، و يكمن سر ذلك في وجوده البسيط و غير المتكلف ، فهو يعرف كيف يخلق بينه وبين الآخرين روابط عميقة ، من دون أن يشعر أحدهم بأنّ هناك جهداً مبذولاً .

 

دائماً صدق النوايا ، و وضوح الرغبة في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع دون التمييز بين طبقات الناس حسب قدرية منحة الأرزاق في هذه الأيام التي يكثر فيها التوتر و القلق ، فحينما ينعم الله علينا بمثل هذا الرجل ، أو بمثل الرجل الذي كان سبباً في معرفتنا به يعتبر بمثابة البلسم الذي يعيد التوازن للنفوس ، ويذكرنا بأن الحياة ليست دائماً عن السعي خلف أمور الدنيا ، بل يجب التوقف ، و إعادة التقدير ، و نثر الابتسامة الصادقة .

 

حفظ الله الأستاذ مجدي أمين و الاستاذ الإنسان عاصم البلال ، و رعاهما و سدد خطاهما .

 

و الله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

ياسر كمال

مدير عام شبكة زول نت العالمية ومدير عام منظومة كونا التقنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام