آن لمواطن نهر النيل أن يمدَّ رجليه – بريق العابرين – ✍️ رائد دكتور – هشام الشيخ العوض
منذ اندلاع الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع ضد الشعب السوداني، كانت ولاية نهر النيل واحدة من أكثر الولايات استهدافاً عسكرياً وإعلامياً. فبمجرد أن دنست أقدام تلك المليشيا أرض مصفاة الجيلي ومناطق حجر العسل، عاش مواطنو نهر النيل حالة من القلق والترقب الشديد، وهم يستشعرون الخطر المحدق بما سمعوه وشاهدوه من تهديدات بالقتل والتنكيل والتشريد. كان كل ذلك يعبر عن حقد دفين وكراهية عمياء، تدفعها مليشيا لم تتورع عن استخدام أبشع الوسائل لإرهاب الشعب السوداني.
ورغم كثافة التهديدات الإعلامية، ورغم محاولات المليشيا بث الخوف بين الناس، إلا أنها لم تجرؤ على تنفيذ مغامرة حقيقية بالدخول إلى ولاية نهر النيل. فقد كانت تدرك تماماً أن الموت المحتم في انتظارها، على يد شعب لا يعرف الانكسار، وعلى يد جيش خبرته ميادين القتال، وجربته ساحات المعارك، وعرف كيف يحمي الأرض والعرض.
مواطني ولاية نهر النيل، بروح المسؤولية الوطنية والوعي الكبير، بادروا إلى التصدي لهذه المليشيا الغاشمة. انتظموا في معسكرات الاستنفار، وشكلوا مقاومة شعبية كانت سنداً حقيقياً للقوات المسلحة. لم يتوقف عطاؤهم عند حدود الكلمات أو الدعم الرمزي، بل شمل التدريب والتسليح والإمداد الكامل. أرسلوا القوافل الطبية والغذائية، وقدموا المال بسخاء، بل والأعظم من ذلك أنهم قدموا أبناءهم شهداء على مذبح الوطن.
نتيجة هذه الجهود الجبارة، تحقق النصر. تم دحر المليشيا من ولاية نهر النيل، وتحرير مصفاة الجيلي، وإعلان الولاية خالية تماماً من أي تمرد. واليوم، آن لمواطني نهر النيل أن يمدوا أرجلهم، وأن يستشعروا الطمأنينة والأمان، بعدما تكللت تضحياتهم بهذا النصر العظيم. نقول لهم بكل فخر: هذا هو ثمرة جهودكم، وعرقكم، ودعمكم. فهنيئاً لكم هذا الإنجاز الكبير، وهنيئاً لنا جميعاً بجيوشنا التي التقت في القيادة العامة بالخرطوم، لتعلن بداية النهاية لوجود المرتزقة والمتمردين.
تحرير مصفاة الجيلي لم يكن مجرد انتصار عسكري عادي، بل كان ضربة قاصمة لمليشيا الدعم السريع، التي فرت كالفئران المذعورة، تاركة خلفها أوهام السيطرة والتمدد. واليوم، أصبح الطريق إلى القيادة العامة سالكاً وآمناً، ولكننا نقول لتلك المليشيا وأعوانها بوضوح: أينما ذهبتم، سنلاحقكم. لن يفلت أحد من القصاص. سنقتص لكل من فقد بيته، أو هتك عرضه، أو نهب ماله. سنثأر لكل أم فقدت ابنها، ولكل امرأة ترملت، ولكل طفل تيتم بسببكم.
إن شعب السودان، من نهر النيل إلى آخر شبر من البلاد، يقف صفاً واحداً خلف جيشه. هذا الشعب العظيم أثبت أنه الدرع والسيف، واليد التي تبني وتدافع. لن يتوقف السودانيون حتى ينال كل مجرم جزاءه العادل.
فهنيئاً لولاية نهر النيل بأمنها وأمانها. هنيئاً لشعبها الذي كان خير معين وسند للقوات المسلحة. وهنيئاً للجيش بهذا الشعب العظيم.
*هكذا تُصنع الأمجاد، وهكذا يُكتب التاريخ بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال.*