الاثار الاستراتجية لسيطرة الجيش على مدينة مدني ✍️ البروفسيور : فكري كباشي الامين العربي
يذكر أن القوات المسلحة فقدت السيطرة على مدينة ود مدني في 20 ديسمبر2023م ، وبعد مضي اكثر من عام تم اعادة السيطرة عليها مرة اخرى , وتكمن الأهمية الاستراتيجية لاعادة السيطرة عليها من قبل قوات الشعب المسلحة لعدة اعتبارات نظرا لموقعها المميز حيث تتوسط البلاد، ما يجعلها حلقة وصل حيوية بين مختلف ولايات البلاد، إذ تربط هذه المدينة بين ولايات سنار والنيل الأزرق جنوبا، والقضارف وكسلا وبورتسودان شرقا، والنيل الأبيض وكردفان ودارفور غربًا، بالإضافة إلى نهر النيل والشمالية والخرطوم شمالا , كما تُعتبر ود مدني مركزا اقتصاديا مهما بفضل احتضانها لمشروع الجزيرة، أكبر مشروع زراعي في إفريقيا، والذي يمتد على مساحة 2.2 مليون فدان , كما يمتد التأثير الاقتصادي ليلقي بظلاله على عودة الأنشطة والأسواق والمشاريع الاقتصادية في المدينة التي تُعتبر مركزًا اقتصاديا مهما، خاصة القطاعات الزراعية والتجارية، وإعادة ترميم البنية التحتية المتضررة مثل الطرق والمرافق الصحية والمؤسسات التعليمية , وكذلك ان البعد الاقتصادي سوف يتاثر بفتح الطرق التجارية الرئيسية التي تربط وسط السودان بشرقه ، وغربه مما يعزز استعادة الأمن والسلام ، كما أن حركة التجارة وانسيابها يقلل من حدة الأزمة الاقتصادية .
كما نجاح الجيش في السيطرة على مدينة ود مدني يساعد في تعزيز الأمن القومي، ومنع تمدد الصراعات في مناطق أخرى، وسيعجّل بعودة النازحين إلى ديارهم مما يؤدي الى فتح المجال أمام عملية شاملة للاستقرار واستعادة الأمن ، واضعين في الاعتبار التحديات الاجتماعية والإنسانية التي خلفتها الحرب . بالاضافة الى الناحية الاجتماعية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي تأثر بفعل الحرب .
كما أن السيطرة على ود مدني ستسهم في تسهيل العمليات العسكرية بالخرطوم والتعجيل بالسيطرة عليها بمدنها الثلاثة وعلى راسها شرقي النيل والخرطوم ، نظرا لقرب المسافة بين المدينتين ولما لذلك من تأثير إستراتيجي وعسكري بتأمين خطوط الإمداد للقوات المسلحة، مما يسهل من تحركاتها ويعزز من قدرتها على تنفيذ عمليات أخرى.
وعليه فإن معركة تحرير ولاية الجزيرة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة السودان على تجاوز تحديات الحرب وإعادة بناء سيادته الوطنية , وبالتالي فان النجاح في هذه المعركة يتطلب رؤية متكاملة ، تجمع بين الحسم العسكري ، والإدارة السياسية الواعية ، واستثمار الدعم الإقليمي والدولي ، لتحقيق استقرار مستدام يعيد للسودان مكانته الإقليمية والدولية وهذا ما يقتضي الاستثمار الامثل لهذا الإنجاز بحكمة ، فقد يكون تحرير ود مدني البداية الحقيقية للانتهاء من تمرد المليشيا و بناء سودان جديد آمن ومستقر , مما يقود الى رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة وللقوات الداعمة له وللسكان المحليين، الذين يرون في هذا التحرير خطوة نحو الاستقرار واستعادة الحياة الطبيعية تدريجيا.
البروفسيور : فكري كباشي الامين العربي .
١٣ مايو ٢٠٢٥م.