مقالات الرأي
أخر الأخبار

مستقبل الزراعة في السودان: تحديات وفرص في ظل الحرب – شئ للوطن – ✍️ م.صلاح غريبة

شهد القطاع الزراعي في السودان، بصفته عصب الاقتصاد السوداني، تحولات جذرية نتيجة للصراعات المسلحة التي عصفت بالبلاد. وقد أدت هذه الصراعات إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، وتشريد المزارعين، وتقويض الأمن الغذائي. ورغم هذه التحديات الجسام، فإن القطاع الزراعي في السودان يظل يحمل في طياته إمكانات هائلة للنمو والتطور، شريطة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الجذور العميقة للمشكلة، والاستفادة من الفرص المتاحة.

تتطلب إعادة إحياء القطاع الزراعي في السودان صياغة سياسات زراعية شاملة ومتكاملة، تركز على تمكين صغار المزارعين والنساء والشباب من خلال توفير الدعم الفني والمالي والتدريب اللازم لزيادة إنتاجيتهم وتحسين دخلهم، وتعزيز الصناعات الزراعية من خلال تشجيع الاستثمار في الصناعات التحويلية للمنتجات الزراعية، مما يساهم في خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، وتسهيل الحصول على التمويل والقروض من خلال توفير التسهيلات الائتمانية للمزارعين، وتطوير آليات ضمان القروض، وتشجيع الاستثمار في البنية التحتية الزراعية، وتسهيل حركة التجارة من خلال تطوير البنية التحتية للتسويق، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتشجيع التعاونيات الزراعية، وتشجيع استخدام التقنيات الرقمية من خلال تبني التقنيات الرقمية الحديثة في الزراعة، مثل الزراعة الذكية، وأنظمة الري الذكية، واستخدام البيانات في اتخاذ القرارات الزراعية.

يلعب القطاع الخاص دوراً حيوياً في تطوير القطاع الزراعي، من خلال الاستثمار في مشاريع زراعية جديدة، وتطوير سلاسل القيمة الزراعية، وتوفير المدخلات الزراعية الحديثة. كما أن البحث العلمي يمثل ركيزة أساسية للتنمية الزراعية المستدامة، من خلال تطوير أصناف جديدة من المحاصيل، وتحسين إنتاجية الأراضي، وتطوير تقنيات زراعية جديدة.

يواجه القطاع الزراعي في السودان العديد من التحديات، من أهمها نقص المياه نتيجة لتغير المناخ والتوسع العمراني وتدهور التربة بسبب الإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات، والتعرية، والملوحة، وانتشار الآفات والأمراض نتيجة للتغيرات المناخية ونقص الرقابة على المبيدات، والصراعات المسلحة التي تؤدي إلى تشريد المزارعين وتدمير البنية التحتية الزراعية.

لمواجهة هذه التحديات، يمكن اتخاذ الإجراءات والحلول بإنشاء تعاونيات زراعية لتمكين المزارعين من الحصول على الخدمات والموارد اللازمة، وتسويق منتجاتهم بشكل جماعي، تطوير أنظمة الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والرش، لتقليل استهلاك المياه وزيادة كفاءة الري، وتوفير التسهيلات اللوجستية للتسويق: من خلال بناء أسواق تجارية، وتوفير وسائل النقل، وتبريد المنتجات الزراعية.

يجب على السودان أن يستعيد دوره الريادي في تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة، وذلك من خلال زيادة إنتاج المحاصيل الغذائية لتلبية الاحتياجات المحلية والتصدير إلى الدول الأخرى، والتعاون مع الدول الأفريقية لتبادل الخبرات والتكنولوجيا في مجال الزراعة، ومكافحة الشائعات حول المجاعة من خلال تقديم بيانات دقيقة وموثوقة عن الوضع الغذائي في البلاد.

يجب ربط التنمية الزراعية في السودان بالتنمية المستدامة، من خلال الحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال حماية الغابات والمراعي، وتشجيع الزراعة المستدامة، ومكافحة تغير المناخ من خلال تبني ممارسات زراعية صديقة للبيئة، وتطوير الصناعات الزراعية لزيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.

يجب الاستثمار في البحوث الزراعية وتطوير التطبيقات الرقمية في الزراعة، لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات الزراعية.

يمثل القطاع الزراعي في السودان فرصة كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، شريطة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة التحديات التي يواجهها، والاستفادة من الفرص المتاحة. من خلال التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يمكن للسودان أن يصبح سلة غذاء أفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام