بنغازي إمتحانات الشهادة السودانية (بين الآمال والتحديات) – مقاربات – ✍️ د. مريم رضوان
في خضم الحرب وواقعها القاسي، يزهر العلم وسط الرماد ليكون نورا للمستقبل، و في ظل الظروف الصعبة والتحديات التي يمر بها طلاب الشهادة السودانية داخل وخارج الوطن، كانت بمدينة بنغازي في ليبيا أحد مراكز إمتحانات مدرسة الصداقة السودانية الليبية. برزت الجامعة البريطانية الليبية كوجه مشرق ومضيء، لتكون حاضنة لاداء إمتحانات الشهادة السودانية بمقرها بمدينة السلام بنغازي . لقد أثبتت إدارة الجامعة برئاسة الدكتور عطاف الخفيفي بقيادته الحكيمة وإهتمامه الإنساني، أنها نموذج يحتذى به في دعم الطلاب الممتحنين وتوفير بيئة مناسبة لهم.مبادرة إنسانية راقية تعكس إدراك الجامعة لأهمية التعليم كحق أساسي يجب توفيره لكل طالب.
تشرفت بأن أكون جزءا مع مجموعة المبادرة الشعبية لإسناد النازحين. وعلي راسها رئيس المبادرة الحاج محمد المهدي، والسكرتير العام حسن محمود. وبرفقة عدد من الأساتذة الموقرين . في زيارة ميدانية إلى مقر الجامعة البريطانية الليبية بننغازي.في إطار الجهود المبذولة لدعم الطلاب الممتحنين، الذين يواجهون تحديات مضاعفة أثناء أدائهم امتحانات الشهادة السودانية. هدفت الزيارة إلى الاطمئنان على سير الامتحانات، والتعرف عن قرب على الظروف التي يمر بها الممتحنين. حيث يجلس 300 طالب وطالبة لامتحانات الشهادة السودانية من مدرسة الصداقة السودانية الليبية .من المؤسف 50 غابوا عن أداء امتحانات الشهادة السودانية في بنغازي رغم انهم حصلوا على أرقام الجلوس دون معرفة أسباب غيابهم . هذا الوضع يعكس تحديات كبيرة تواجه الطلاب وأسرهم، خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشون بها وأغلبهم من النازحين . كذلك يعد جرس إنذار لادارة المدرسة السودانية والمسؤولين عن أهمية التخطيط المسبق وتقديم الدعم الشامل للطلاب.
الزيارة كشفت تحديات كبيرة يواجهها الطلاب الممتحنون، منها التقصير في الدعم اللوجستي للطلاب، و غياب الخدمات الأساسية. حيث لا تتوفر مياه للشرب أو وجبات خفيفة لتخفيف عناء الامتحانات. خاصة للطلاب الذين يقطعون مسافات طويلة يوميا للوصول إلى بنغازي، في ظل عدم وجود أي ترتيبات للسكن لهم ولذويهم، كان من الممكن استغلال مقر الجاليةالسودانية ببنغازي .
كذلك ما زاد من الألم هو غياب الأدوار الفاعلة للجهات المسؤولة السودانية، والتي كان يفترض أن تكون داعما حقيقيا لهؤلاء الممتحنين. هذا الإهمال الواضح يتطلب وقفة جادة وإعادة تقييم لدور هذه الجهات، تجاه الطلاب وأسرهم الذين يعيشون محنة مزدوجة بين النزوح وضغط الامتحانات.
علما أن أغلب المدارس في السودان تقدم وجبات متكاملة للممتحنين والمراقبين، مما يعكس اهتمامها برفاه الممتحنين وأدائهم. رغم الحرب والظروف الاقتصادية المتردية، يعكس الروح التضامنية والمسؤولية المجتمعية، التي تميز الشعب السوداني .هذا النموذج الإنساني يبرز قدرة المجتمعات على الصمود والابتكار، في مواجهة التحديات الكبرى.
ماذا لو قامت القنصلية، المدرسة السودانية، ومبادرة إسناد النازحين والجالية مع أفراد المجتمع ببنغازي. بتوفير وجبة متكاملة للممتحنين، لكان ذلك خطوة إنسانية ومسؤولة تعكس اهتمامهم الحقيقي بهم ، هذا الإجراء قد يخفف من الأعباء المادية على الأسر، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
كما انه يعكس الإلتزام الأخلاقي بدور هذه الجهات الإجتماعي، خاصة نوجه العتب للمدرسة السودانية، كان من الممكن ان تعزز اهتمامها بالطلاب ليس فقط أكاديميا بل أيضا إنسانيا.
من ضمن الملاحظات كانت (الحاجة مني) النازحة قصتها موجعة، لأنها تلامس واقعا مرا، حيث تصمد بصبر وإصرار مع ابنة بنتها المتوفية. لإكمال امتحانات الشهادة السودانية، رغم إقامتها خارج مدينة بنغازي وتتكبد عناء السفر والتكاليف لمقر الامتحانات. أن تتحمل هذه المشقة هو دليل على قوتها وإيمانها، بأهمية العلم لمستقبل الأجيال القادمة.(الحاجة مني) ليست مجرد حالة فردية، بل هي صوت للكثيرين ممن يحتاجون الدعم، الجهد المشترك بين الجهات المسؤولة يمكن أن يكون له أثر كبير في تحسين حياتها وحياة غيرها.
يصبح السعي وراء التعليم تحديا يوميا، هؤلاء الطلاب يمثلون شعلة الأمل لمستقبل أفضل، يحملون في قلوبهم طموحات لا تنطفئ وأحلاما تتحدى المحن.هم أمل المستقبل، ورمز الإصرار على تحقيق النجاح رغم التحديات. نشيد بعزيمتهم التي تضيء طريقهم في ظلام الحرب، نتمنى لهم التوفيق والنجاح.