مقالات الرأي
أخر الأخبار

القضارف نموذج للتعايش السلمي بين  مختلف الإثنيات والأديان ✍️ هشام محمود سليمان 

تعتبر مدينة القضارف في شرق السودان واحدة من أروع الأمثلة على التعايش السلمي بين مختلف الإثنيات والأديان إنها مدينة تجسد التنوع والتعدد الثقافي بشكل طبيعي وعفوي حيث يساهم هذا التنوع في إثراء الحياة الاجتماعية والاقتصادية في القضارف لا تعرف العنصرية ولا التمييز بين الأديان والأعراق

بل يتمازج الجميع في نسيج واحد متماسك قائم على المحبة والتقدير المتبادل

التعايش بين الأديان والإثنيات:-

———-

لقد نشأ في القضارف على مر الأزمان مجتمع متنوع دينيا وثقافيا فمنذ العصور القديمة احتضنت القضارف مختلف المجموعات العرقية والدينية من أقباط ويونانيين وهنود وأفارقة واحترام وامراد ومغاربه من قبائل متعددة ورغم تنوعهم في الأصول والديانات ظلوا يعيشون في وئام كامل مع بعضهم البعض ولعل أبرز ما يميز هذا التعايش هو الاحترام المتبادل بين هذه الجماعات التي لم تشعر يوما بالتمييز أو الانقسام

كان الأقباط والهنود واليونانيون جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع القضارفي ومن خلال مشاركتهم في الأعمال التجارية والفلاحية والخدمات المختلفة أصبحوا جزءا من قلب المدينة وروحها.كان أهل القضارف بجميع طوائفهم يعاملون بعضهم البعض بكل حب واحترام حتى أصبحوا أكثر من جيران هم أسرة واحدة تتقاسم الأفراح والأحزان

القضارف لا تعرف العنصرية:-

————–

في القضارف لا مكان للعنصرية أو التفرقة العنصرية المدينة لا تميز بين أبنائها بناء على دينهم أو عرقهم الكل يتساوى في الحقوق والواجبات وهذا يعكس حقيقة أن الثقافة القضارفية ليست قائمة على الانتماء إلى مجموعة معينة بل على الانتماء إلى أرض واحدة هي القضارف من هنا نجد أن أبناء المدينة يتعاملون مع بعضهم البعض كإخوة يتشاركون في البناء والتطور ويحتفلون معا بكل المناسبات

لقد غرس هذا التعايش السلمي قيم التسامح بين الأجيال المتعاقبة في القضارف حتى أصبح أبناؤها يدركون أن قوتهم تكمن في تنوعهم وأن الثراء الحقيقي يأتي من اختلافاتهم التي تدمجهم في نسيج واحد

الشاعر السوداني محمد مفتاح الفيتوري يعبر عن فكرة التعايش والتلاحم بين الناس قائلاً:-

يا أهل الأرض لا تفرقوا بيننا

فنحن جميعا من تراب واحد

إن كان فينا من شتات أو فرق

فالحب بيننا يزيل كل شتات

هذه الأبيات تجسد الحقيقة التي نراها في القضارف حيث يظهر التآلف بين الناس بشكل طبيعي ويمثل حب الأرض أساسا لهذه الوحدة

العلاقات الإنسانية في القضارف:-

——–

إن التواصل اليومي بين أهل القضارف من مختلف الأديان والإثنيات يعكس روح المحبة والتعاون فلا تقتصر هذه العلاقات على المناسبات الاجتماعية فقط بل تشمل مختلف جوانب الحياة اليومية من العمل في الأسواق إلى التعاون في الأعمال الخيرية الجميع يشعرون بأنهم في وطن واحد وأن القضارف هي أرضهم التي لا تميز بينهم بل تعطيهم فرصا متساوية للعيش الكريم والمساهمة في بناء المجتمع

يقول الشاعر حافظ إبراهيم في إحدى قصائده الشهيرة:-

————

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة

وأهلي وإن ضنوا علي كرام

وهذا ما ينطبق على القضارف حيث الجميع ينظر إلى المدينة باعتبارها وطنا واحدا بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني إنه حب الأرض الذي يجعلهم يتوحدون في وجه التحديات، ويعززون ثقافة التعاون بين بعضهم البعض

القضارف أرض محبة وتقدير:-

————-

القضارف ليست مجرد مدينة جغرافية بل هي روح حية تنبض بالمحبة والتقدير هنا لا ينظر إلى الآخرين على أنهم غرباء بل هم جزء من هوية المدينة في القضارف يختلط الجميع في ترابط فريد من نوعه وكأنهم قطعة واحدة تتناغم مع بعضها البعض يتواجد الجميع جنبا إلى جنب يشاركون في تفاصيل الحياة الصغيرة والك بيرة ويتبادلون الاحترام والتقدير

الشاعر السوداني أحمد شوقي يقول في قصيدته:-

————

إذا كان الناس في بلدي على قلب واحد

فإن الأرض التي تجمعنا هي الأم التي لا تفرق

هذه الأبيات تعبر عن اللحمة التي تربط أهل القضارف حيث يعتبرون أن مدينتهم هي الأم التي تظللهم جميعا دون تفرقة وتوفر لهم الأمان والراحة

ختاما:-

القضارف تعد نموذجا مشرفا للتعايش السلمي بين مختلف الأديان والإثنيات إنها مدينة تحترم وتحتفل بتنوعها وتعتبره مصدر قوة ووحدة هنا الجميع يعيشون في تناغم وتعاون يقدرون بعضهم البعض ويحبون مدينتهم التي تحتضنهم في هذه المدينة لا فرق بين أحد وآخر بل الكل يساهم في بناء مجتمع مزدهر ومتحاب ومن خلال هذه الروح المتناغمة تظل القضارف نبراسا يحتذى به في بناء المجتمعات المتسامحة في العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام