الإعلام والأمن القومي أبعاد استراتيجية مقال تحليلي بالتطبيق علي الحرب بين القوات المسلحه وقوات الدع_م السريع المتمردة ✍️ هشام محمود سليمان
في عالم تتسارع فيه وتيرة التطورات السياسية والاجتماعية والتكنولوجية بات الإعلام لاعبا رئيسيا في صياغة ملامح الأمن القومي للدول فالإعلام لم يعد مجرد وسيلة لنقل الأخبار أو تقديم الترفيه بل أصبح أداة استراتيجية تستخدم لتشكيل الرأي العام وبناء التصورات والتأثير على الاستقرار الداخلي والخارجي
في المال اهدف إلى تحليل العلاقة بين الإعلام والأمن القومي بأبعادها الاستراتيجية مع التركيز على التحديات والفرص في هذا السياق
الإعلام كعامل استراتيجي في تعزيز الأمن القومي:-
————
1. رفع مستوى الوعي الوطني الإعلام يمتلك القدرة على تعزيز الشعور بالانتماء والولاء الوطني من خلال تسليط الضوء على القضايا الوطنية الحيوية يمكن للإعلام أن يلعب دورا محوريا في توجيه المواطنين نحو فهم التحديات التي تواجه الدولة وتحفيزهم على المشاركة في معالجتها
2. إدارة الأزمات في أوقات الأزمات مثل الكوارث الطبيعية أو التهديدات الأمنية والحروب يصبح الإعلام شريكا أساسيا للمؤسسات الأمنية في نقل المعلومات الدقيقة والرسائل التوعوية التي تحافظ على الهدوء وتجنب الفوضى
3. مكافحة الشائعات والمعلومات المضللة يعتبر الإعلام أداة رئيسية في مواجهة الحملات الدعائية المغرضة التي تستهدف زعزعة الأمن القومي سواء من خلال تفنيد الأخبار الكاذبة أو تقديم روايات موثوقة ومبنية على الحقائق
الإعلام كتهديد محتمل للأمن القومي:-
———-
رغم الدور الإيجابي للإعلام فإنه قد يشكل تهديدا خطيرا إذا استخدم بشكل غير مسؤول يمكن استعراض هذه المهددات الرئيسية على النحو التالي:-
———–
1. إثارة الفتن وزعزعة الاستقرار قد يؤدي الإعلام غير المهني إلى تأجيج الصراعات الداخلية من خلال التركيز على القضايا الجدلية أو تقديم وجهات نظر متحيزة
2. استغلال الإعلام كأداة للدعاية من قبل الدول المعادية خاصة استغلال الإعلام الرقمي لنشر رسائلها الموجهة لزعزعة استقرار الدول بنشر الاشاعات أو استقطاب الجماهير
3. الحروب السيبرانية والإعلام الرقمي الإعلام الرقمي يشكل تحديا جديدا للأمن القومي حيث يمكن للأطراف الخارجية اختراق منصات التواصل الاجتماعي ونشر الشائعات والتأثير على الرأي العام بأدوات سيبرانية متطورة
الأبعاد الاستراتيجية للعلاقة بين الإعلام والأمن القومي :-
————-
أ . البعد السياسي:-
الإعلام يستخدم كأداة دبلوماسية للتأثير على العلاقات الدولية سواء من خلال تحسين صورة الدولة في الخارج أو مواجهة الدعاية المعادية
2. البعد الأمني:-
الإعلام شريك للأجهزة الأمنية في نشر رسائل التوعية وتقديم الحقائق للمواطنين ما يسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي في المقابل قد يمثل الإعلام سلاحا إذا وقع في يد قوى خارجية تسعى للتأثير على استقرار الدولة
3. البعد التكنولوجي:-
مع التحول الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي باتت الدول تواجه تحديات جديدة تتطلب استراتيجيات مبتكرة لمواجهة الاختراقات الإعلامية وحماية البنية التحتية الرقمية
4. البعد الاجتماعي:-
الإعلام قادر على تعزيز القيم المجتمعية الإيجابية التي تدعم الأمن القومي لكنه قد يؤدي إلى انقسامات مجتمعية إذا لم يدار بمسؤولية
استراتيجيات التعامل مع الإعلام لحماية الأمن القومي :-
————
لحماية الأمن القومي وتعزيز دور الإعلام كعامل استراتيجي إيجابي يمكن اعتماد الاستراتيجيات التالية:-
1. تعزيز الشفافية والمصداقية الشفافية في تقديم المعلومات تقلل من فرص انتشار الشائعات وتمنح الدولة مصداقية أمام مواطنيها
2. بناء شراكات فعالة بين الإعلام والأمن إنشاء آليات تعاون وتنسيق بين المؤسسات الإعلامية والأجهزة الأمنية لضمان تقديم محتوى يدعم الاستقرار ويحمي المصالح الوطنية
3. تطوير الإعلاميين وتأهيلهم توفير التدريب المستمر للعاملين في المجال الإعلامي لزيادة وعيهم بقضايا الأمن القومي وكيفية تناولها بمهنية
4. تبني سياسات تنظيمية ورقابية إعداد قوانين تنظم العمل الإعلامي وحماية حرية التعبير مع ضمان عدم استخدام الإعلام كوسيلة للإضرار بالأمن القومي
5. تعزيز الأمن السيبراني
إنشاء وحدات متخصصة لمراقبة وسائل الإعلام الرقمية ورصد الأنشطة التي تهدد الأمن القومي
توصية حول دور الإعلام في السودان في ظل الحرب الدائرة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المتمرده:-
—————-
في ظل الصراع الحالي في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المتمرده يلعب الإعلام دورا محوريا في التأثير على الرأي العام الداخلي والخارجي وتوجيه مسار الأحداث لضمان حماية الأمن القومي السوداني وتعزيز فرص السلام يجب اتخاذ إجراءات استراتيجية لإدارة الإعلام بطريقة تدعم الاستقرار وتحمي وحدة البلاد
التوصيات:-
1. تعزيز الإعلام الوطني المسؤول عبر إطلاق حملات توعوية ينبغي للإعلام الوطني أن يركز على توحيد صفوف الشعب السوداني ونشر رسائل التي تكافح الشائعات ووتحذر من مخاطر الانقسامات
و تخصيص قنوات رسمية لنقل المعلومات الموثوقة عن الأوضاع على الأرض مع تفنيد الأخبار الكاذبة التي تستغل الوضع لإثارة الفتنة
2. التنسيق بين الإعلام والمؤسسات الأمنية
إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمؤسسات الإعلامية لتنسيق الرسائل الإعلامية ومنع تسريب المعلومات الحساسة
تزويد الصحفيين بالمعلومات الصحيحة لضمان تناول الأحداث بمسؤولية بعيدا عن الإثارة أو التحيز
3. تفعيل الإعلام المجتمعي المحلي دعم وسائل الإعلام المحلية التي تصل إلى مختلف المناطق المتأثرة بالنزاع لتكون حلقة وصل بين السكان وصناع القرار
استخدام المنصات المحلية لنشر رسائل عن أهمية التكاتف الاجتماعي في هذه المرحلة الحرجة
4. الرقابة على الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي
تطوير آليات لرصد وتحييد الخطاب التحريضي والمعلومات المضللة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
تعزيز حملات التوعية الإلكترونية لتثقيف الجمهور بكيفية التحقق من الأخبار وتجنب نشر الشائعات
5. دعم الإعلام الإقليمي والدولي لتقديم صورة حقيقية للأزمة عبر التعاون مع وسائل الإعلام الدولية لعرض واقع الأزمة من منظور سوداني والتركيز على الاحتياجات الإنسانية ودور المجتمع الدولي في دعم جهود الحل السلمي
مواجهة الدعاية المغرضة التي تروج لتقسيم السودان أو تشويه صورة الأطراف الوطنية
6. تحفيز الإعلام على تعزيز الحوار الوطني عبر تشجيع المؤسسات الإعلامية على تنظيم برامج حوارية تجمع مختلف الأطراف السودانية للتعبير عن وجهات نظرها مما يساهم في بناء تفاهم مشترك
التركيز على القيم المشتركة التي تجمع السودانيين بدلا من تضخيم الخلافات
الإعلام في السودان اليوم ليس مجرد وسيلة نقل للأخبار بل أداة لبناء أو هدم الوطن لذلك تقع على عاتق الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والجهات الحكومية مسؤولية تاريخية لتوظيف الإعلام في توحيد الشعب السوداني ومواجهة التدخلات الخارجية والمساهمة في إيجاد حل سياسي ينهي النزاع ويعيد الأمن والاستقرار للبلاد
ختاما:-
——
الإعلام والأمن القومي وجهان لعملة واحدة حيث يمكن للإعلام أن يكون حليفا قويا للدولة في تعزيز استقرارها وأمنها، لكنه قد يصبح تهديدا إذا لم يدار بحكمة ومسؤولية التعامل مع الإعلام كأداة استراتيجية يتطلب رؤية شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد السياسية الاجتماعية والأمنية مع تفعيل شراكات وثيقة بين المؤسسات الإعلامية وأجهزة الدولة لتحقيق توازن دقيق بين حرية التعبير وحماية المصالح الوطنية
