حقوق الإنسان بين المعايير الدولية وازدواجية التطبيق قراءة نقدية بمناسبة الذكرى 76 للإعلان العالمي ✍️ هشام محمود سليمان
في الذكرى السادسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يحتفل العالم بإرث إنساني عظيم يهدف إلى صون الكرامة الإنسانية وتعزيز العدالة والمساواة ومع ذلك فإن هذه المناسبة تدعونا للتأمل والنقد بشأن التطبيق العملي لحقوق الإنسان في السياق الدولي خاصة في ظل التناقضات التي جعلت من هذه الحقوق أداة لتصفية الحسابات السياسية واستضعاف الشعوب والدول
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
بين الطموح والواقع:-
———–
ولد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ليكون وثيقة عالمية تضع أسسا معيارية لاحترام حقوق الأفراد بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو الجغرافية ورغم الطموح الذي جسدته هذه الوثيقة فإن تطبيقها ظل مرهونا بالمصالح السياسية للقوى الكبرى مما جعلها عرضة للتأويل واستخدامها كأداة ضغط ويعبر هذا عن ازدواجية المعايير الدولية يتجلى التناقض في تعامل المجتمع الدولي مع حقوق الإنسان في عدة أوجه
أولا . تسييس حقوق الإنسان
في العديد من الحالات تستخدم حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول بعينها بينما تغض الطرف عن انتهاكات مماثلة أو أشد خطورة ترتكبها دول حليفة للقوى الكبرى
ثانيا . الانتقائية في تطبيق القانون الدولي
على سبيل المثال تفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على دول بذريعة انتهاكات حقوق الإنسان بينما يتم تجاهل انتهاكات جسيمة ترتكب ضد شعوب أخرى
ثالثا . ذريعة السيادة الوطنية
في المقابل هناك دول تضرب بحقوق الإنسان عرض الحائط تحت ستار السيادة الوطنية معتبرة أنها محصنة من النقد الدولي مما يؤدي إلى تبرير القمع والتجاوزات داخل حدودها
حقوق الإنسان والتنمية المستدامة: –
———
العلاقة المفقودة:
بينما يربط الإعلان العالمي حقوق الإنسان بمفاهيم العدالة والمساواة فإن التناقضات الدولية في تطبيقه تضعف الجهود الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الدول النامية التي تعاني من ضغوط اقتصادية واجتماعية تجد نفسها أمام تحديات مركبة نتيجة العقوبات أو التدخلات التي تبرر بحجة حقوق الإنسان ما يزيد من معاناة شعوبها
رؤية للمستقبل نحو ميثاق عالمي جديد:-
———
للتغلب على هذه التحديات ينبغي أن يكون هناك جهد دولي مشترك لإعادة تعريف الإطار العملي لحقوق الإنسان بحيث
أ . تعزيز الشفافية والمصداقية إنشاء آليات دولية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان بعيدا عن النفوذ السياسي للقوى الكبرى
ب . إصلاح المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لضمان استقلاليتها وعدم خضوعها للمصالح السياسية
ج . التوازن بين السيادة والالتزام الدولي
احترام السيادة الوطنية مع تعزيز المسؤولية الدولية لحماية الحقوق الأساسية
إن الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليست مجرد احتفال رمزي بل فرصة لتقييم المسار الذي تسلكه الإنسانية في صيانة كرامة الإنسان وإلى أن تتحقق العدالة الدولية في التعامل مع حقوق الإنسان ستبقى هذه الحقوق في نظر الكثيرين شعارات تستخدم لإخفاء ازدواجية المواقف بدلا من أن تكون أداة لتحقيق السلام والتنمية