مقالات الرأي
أخر الأخبار

الدور المنتظر من وزارة الخارجية  في مرحلة ما بعد الحرب ✍️ هشام محمود سليمان

مقدمة:-

في ظل التحديات العميقة التي خلفتها الحرب في السودان يبرز الدور المحوري الذي يجب أن تلعبه وزارة الخارجية السودانية في مرحلة ما بعد الحرب فهذه المرحلة تتطلب حنكة دبلوماسية وعملا مضنيا لإعادة تأهيل علاقات السودان مع العالم الخارجي إلى جانب معالجة الأزمات الإنسانية والاقتصادية الداخلية التي فاقمتها الحرب

تعد وزارة الخارجية إحدى المؤسسات الأساسية التي ستسهم في استعادة استقرار السودان وبناء السلام داخليا كما ستكون الجسر الذي يربط البلاد بالمجتمع الدولي في سعيها نحو إعادة البناء والنهضة إن الدور المنتظر من هذه الوزارة لا يقتصر على تعزيز العلاقات الخارجية فحسب بل يشمل أيضا تعزيز التعاون الدولي لضمان توفير الدعم الإنساني والاقتصادي والتفاوض من أجل حل النزاعات الداخلية والترويج للسودان كداعم للاستقرار والسلام في المنطقة

تعد وزارة الخارجية السودانية من الأركان الأساسية التي يُعتمد عليها في رسم معالم السياسة الخارجية للبلاد خاصة في مرحلة ما بعد الحرب إذ تترقب الأوساط المحلية والدولية الدور الفاعل لهذه الوزارة في مساعدة السودان على إعادة بناء علاقاته الخارجية والتعامل مع التحديات التي خلفتها الحرب وفي هذا السياق فإن الدور الذي ينتظر أن تلعبه وزارة الخارجية السودانية يتسم بالتعقيد والحيوية في آن واحد إذ يتطلب منها تبني استراتيجيات دبلوماسية شاملة تتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة من حيث التعافي الداخلي وإعادة الاعتبار في الساحة الدولية

إن أولى المهام الملقاة على عاتق وزارة الخارجية بعد الحرب هي إعادة ترميم العلاقات الدبلوماسية مع الدول الإقليمية والدولية فقد أضعفت الحرب في السودان من مكانة البلاد على الصعيدين الإقليمي والدولي مما يتطلب جهودا كبيرة لاستعادة الثقة والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة إضافة إلى استعادة عضوية السودان الفاعلة في المنظمات الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ستسعى وزارة الخارجية إلى تعزيز العلاقات مع جيران السودان بما في ذلك مصر وتشاد وإثيوبيا، وكذلك تعزيز العلاقات مع القوى الكبرى لضمان دعم استقرار السودان وتطويره

الدبلوماسية الإنسانية والتعامل مع التحديات الداخلية:-

——————

عقب الحرب سيجد السودان نفسه في حاجة ملحة لتوفير الدعم الإنساني لملايين الأشخاص الذين تأثروا بالصراع هنا، تلعب وزارة الخارجية دورا رئيسيا في التنسيق مع المنظمات الدولية الإنسانية والإغاثية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر لضمان وصول المساعدات الضرورية للسودانيين المتضررين من الحرب كما يتعين عليها العمل على تحسين الظروف الإنسانية للنازحين داخل البلاد والمهاجرين السودانيين إلى الخارج والتعاون مع الدول المجاورة لاستقبال اللاجئين السودانيين وضمان حقوقهم

الوساطة والتفاوض من أجل السلام الداخلي

من أبرز أدوار وزارة الخارجية في هذه المرحلة هي المساعي الدبلوماسية لإحلال السلام الداخلي يتطلب الوضع الراهن في السودان إجراء مفاوضات شاملة مع الأطراف المختلفة التي شاركت في النزاع وترميم النسيج الاجتماعي وهو ما يفرض على وزارة الخارجية أن تلعب دور الوساطة بين الفرقاء السودانيين بما يسهم في التوصل إلى حلول سياسية دائمة علاوة على ذلك ينبغي ان تسعى الوزارة إلى تعزيز الحوار مع المنظمات الدولية التي قد تساعد في تيسير هذه المفاوضات مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي لتجنب أية تصعيدات محتملة وضمان السلام المستدام

إدارة الهجرة واللاجئين:-

——————

في ضوء تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين إلى الدول المجاورة سيكون لوزارة الخارجية دور حيوي في إدارة هذه الأزمة الإنسانية سيتطلب ذلك التنسيق مع الحكومات المجاورة والمنظمات الدولية المعنية باللاجئين لضمان حماية حقوقهم وتقديم الدعم اللازم لهم كما سيتعين على الوزارة العمل مع الدول المستقبلة لتقديم حلول عملية وفعالة لمعالجة هذه الظاهرة مع السعي لإيجاد آليات لضمان العودة الطوعية للاجئين إلى بلادهم في المستقبل القريب

 

إصلاح السياسة الخارجية السودانية:-

——————

بعد سنوات من التحديات السياسية والاقتصادية ستتطلب المرحلة القادمة من وزارة الخارجية السودانية إصلاحا شاملا في سياستها الخارجية وهذا يشمل تطوير علاقات جديدة مع الدول الصديقة وتعزيز التعاون الاقتصادي وفتح أبواب الاستثمار في القطاعات الحيوية ستعمل الوزارة على تنفيذ سياسات تهدف إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية بما يضمن تقديم السودان كوجهة للاستثمار والأعمال إلى جانب تقديم البلاد على أنها شريك فاعل في القضايا الإقليمية والدولية

التعامل مع الآثار الاقتصادية للحرب:-

——————–

من المتوقع أن تكون وزارة الخارجية معنية بشكل كبير في التعامل مع الآثار الاقتصادية للحرب حيث يتعين عليها التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على الدعم المالي اللازم لإعادة إعمار الاقتصاد السوداني كما يتطلب الوضع اهتماما خاصا بالبحث عن شراكات دولية لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في السودان والعمل على إعادة تأهيل القطاع الخاص السوداني الذي تضرر جراء الحرب

إن الدور المنتظر من وزارة الخارجية السودانية في مرحلة ما بعد الحرب لا يقتصر فقط على الحفاظ على العلاقات الخارجية بل يمتد ليشمل إعادة بناء السودان على جميع الأصعدة ورغم التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد فإن السياسة الخارجية الفاعلة والمبنية على أسس دبلوماسية مرنة قادرة على تحقيق السلام الداخلي وجذب الدعم الدولي واستعادة مكانة السودان بين دول العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام