مقالات الرأي
أخر الأخبار

 إنه الملح .. طعام الحرب والحب – هذي رؤاي – ✍️ عبد العزيز عبد الوهاب

ولا يزال للملح بريقه ولمعانه وبياضه الزاهي ، ، حدث ذلك مذ عرف الإنسان الملح بوصفه بذرة الحياة و جوهرها المقدس، قبل آلاف السنين .

 

الصينيون هم أول من عرف الملح و أول من إكتشفه و أنتجه وباعه (23%من الإنتاج العالمي ) تليها أمريكا ثم الهند .

 

أما البريطانيون فقد بنوا أعلى وأطول سور لحماية مناطق الملح ؛ الذي كان يدفع كرواتب للجنود ؛ فكلمة ( سالاري ) أي الراتب أشتقت من أصلها اللاتيني .

 

وكان الجلوس بجانب الملح مصدرا للفخر والوجاهة الإجتماعية والسياسية ، بينما ينتدب قدماء الإنجليز رجلا محددا ليتناول قطعة من الخبز مع الملح أمام الميت بهدف إمتصاص ذنوبه لينتقل ( خفيفا ) إلى العالم الٱخر .

 

مثل الملح مصدرًا رئيسا للنهضة الأوربية وسببا في بروز مدن عملاقة منها البندقية وميونيخ وليفربول . كما عرف العالم (عصر الملح) مثلما يعيش اليوم (عصر النفط).. فمن يملكه ؛ فإنه يمتلك القوة والقرار وسلطة الإضطهاد السياسي و الإقتصادي لمن هو أدنى .

 

ويعتبر الملح السبب الرئيس في قيام الثورة الفرنسية ، وكان تهريب الملح سببا كافيا للحكم بالسجن المؤبد في باريس القديمة .

 

و ساهم الملح في إستقلال الهند عن بريطانيا بعدما قبض غاندي قبضة من الملح بيديه مثلت الرمزية و الشرارة الأولى لثورة الهنود التي عرفت بمسيرة الملح ، كما شهدت موسكو ما عرف بعصيان الملح .

 

(مدن الملح ).. هي رواية للسعودي عبد الرحمن منيف .. وفيها يلخص القاص الذي وجدت كتاباته رواجًا دوليا ، قصة صعود المدن الخليجية من القاع ومن دون تراتيبية منطقية إلى القمة بسبب القفزة العالية لإيرادات النفط ، مما يجعلها قابلة للإنفجار السريع حال تعرضها لإنتكاسة غير متوقعة .

 

وقوله سبحانه و تعالى في سورة الرحمن “مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان”..، فقد إعتبرهما المفسرون شاهدا على قدرة الله وبديع صنعه عند إلتقاء مياه نهرالنيل العذبة ( الفرات) بمياه البحر المتوسط المالحة( الأجاج) دون أن يختلطا .

 

وذلك لوجود البرزخ الفاصل بينهما في نقطة تسمى (اللسان) ، بمدينة رأس البر التابعة لدمياط المصرية.

 

وهذا لحكمة بالغة إقتضتها رحمة الخالق بالأحياء والحياة في النهر الصغير والمحيط الغزير وفي اليابسة كذلك .

 

وقد أطلق المسيح عليه السلام على أتباعه في الكتاب المقدس اسم ( ملح الأرض) كناية عن طهرهم وطيبتهم وعطائهم .

 

وأستخدم الناس قديما وإلى اليوم الملح بمسحه في أجسادهم لطرد الأرواح الشريرة ورشوا به بيوتهم الجديدة .

أما رؤية الملح مع التراب في المنام عند المفسرين فتدل على المال الوفير ، الذي به صلاح حياة الخلق ومعاشهم .

 

ولو رٱه طالب العلم في نومه ظفر بالفقه ، وإذا رٱه طالب الدنيا ورده المال الكثير .

 

ومن رٱه بين متخاصمين فسيمضون إلى صلح ، ومن رأى أن ملح الناس قد فسد فإن الطاعون سيحل بهم .

 

وللملح قدرة هائلة على طرد الطاقة السلبية وتوليد الطاقة الإيجابية وعلى طرد الجن .

 

ويقال إنه يعالج نحو 72 داءً ، وله فوائد صحية لا تحصى ، منها منح الإحساس بالعطش وتنظيم ضربات القلب والمساعدة على الهضم وتوازن العضلات ، و تطبيب الجروح ونظافتها

 

كما له فوائد عظيمة في الحفظ من التخثر ، استخدمها الناس منذ 6 آلاف سنة.

 

لكن اليونيسيف قالت إن 3 ملايين طفل من غربي افريقيا يفتقرون لتناول الملح المصحوب باليود مما يعجل بحرمانهم من الحياة .

 

من المدهش تماما هو أن دراسة حديثة نشرتها مجلة القلب الأوربية في 2020 ، أثبتت أن الملح متهم برئ لم تثبت إدانته بالتسبب في إرتفاع ضغط الدم ووقوع الجلطات الدماغية .

 

وقال باحثون درسوا 95 ألف متطوع على مدى 8 سنوات ، إن استخدام 12 جرام من الملح ؛ تساوي ضعف الكمية المسموح للفرد في اليوم ؛ لم تكن السبب الرئيس في حدوث أي تراجعات للجسم في هذا المجال ، بل ربما تؤدي لقلب التوقعات حيث أنها تعد سببا لزيادة متوسط العمر .

أما قولك : بيننا ( عيش وملح) فيعني أن بينكما مودة وإخاء وتلاطف، لكن المعنى الحقيقي المراد يبتعد قليلا ، فالملح المقصود هنا هو الرضاعة المتبادلة .. وفلان الذي لا يحفظ الملح مع أخيه هو في الأصل لم يراعي للرضاع الذي جمع بينهما .

 

ودمتم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام