بجامع القسوة ورداءة الدين .. هل من صلة بين آل زايد وآل دقلو ..؟ – هذي رؤاي – ✍️ عبد العزيز عبد الوهاب
كتب هشام أحمد شمس الدين مقالة رصينة، استثار فيها همة أهل الفكر والإجتماع ، لتقصٌد دراسة طبائع أعراب الشتات الذين غزوا بلادنا ، فنهبوا واغتصبوا الحرائر بوحشية وقسوة وغرائبية ، ردها الرجل إلى طبع راسخ ورداءة في السلوك والدين ، نشأوا عليه في بادياتهم البعيدة ، طبع مفارق لقِـرى سكان الحضر والمدن وسوية سلوكهم في المنشط والمكره .
عناية الأستاذ هاشم بأمر دراسة حال التوحش التي صاحبت غزوة أعراب الشتات لبلدنا ، بلغت مجدها بمناداته السريعة الصريحة لأُولي الألباب بالعكوف منهجيًا ، وبشيء من طرق التحليل الإجتماعي والإقتصادي لتقصي الظاهرة ، بدلا عن إخضاعها ولجمها بهذه الهشاشة التي جعلت الباب مفتوحا للتقلب في وحل الجهل .!
ولعل الرجل يفتح بابًا مهما لدراسة الغزوة الشنيعة ، بما فيها من أجناد وممولين بالنظر إلى دور أعراب الإمارات في تسعيرها .
وذلك بالوقوف تمهلا وبطريقة غير متشنجة ، على تحليل طباع آل زايد وآبائهم منذ قيام الدويلة الحَدِثة الصغيرة ، و العناية بحالات المكر والتباغض والخديعة التي فُطموا عليها ، وطبعت سلوك شيوخهم وعامتهم ، إلا من رحم ربي ، وتحكمت بمصائر حكامهم ، قصد التأكد من جِبلٌتهم وأصل طبعهم المتوارث فيهم .
وهو طبع تأسس على قاعدة من رداءة الدين وقسوة البيئة التي عاشوا فيها ، فكانوا أقرب للتوحش والجفوة وأميل للإنتهاب والإغارة على القريب ولو كان شقيقا والبعيد وإن بدا صديقا .
فكانت الفظاظة والغلظة هي تاج التعريف لمشيخات الإمارة الجديبة من كل عذب أو أخضر رطيب ، والتي لم يضع أهلها أسنة الرماح إلا في فجر سبعينيات القرن المنصرم .
ولم يشفع لها تسميتها ربما ( تهكمًا) بمشيخات الساحل (المتصالحة) من قبل المستعمر البريطاني الذي أكل خيراتها التي تدفقت من باطن الأرض لنحو قرن ولا يزال يستحلبها بدهاء وغثاثة .
حيث أشار أحد متابعي الشأن الإماراتي ، إلى سلسلة تداول الحكم في الدويلة . وقد أحصى الرجل عدد من ماتوا من حكامهم بأيدي الأبناء والأخوان منذ عهد التأسيس ، حتى يوم الرجل القابض الذي بين أيدينا .
و الذي ربما يحتاج للكثير ليدرأ عن نفسه ويبرأ من عديد الإستفهامات التي تحيط به ، حول مصير من عاصرهم أو سبقوه أو كان شاهدا على وقائع ذلك المصير الدامع الدامي .
ففي القياس بين أعراب الشتات وسوء جِبلٌتهم وعرب الحضر أو أعرابهم ربما بعض رابط ؛ تتحصل من ورائه وشائج قربى وتناصر في الشدة وسوء الطبع ، وفي فداحة المكر وإنكار عرى الأخوة والعهود .
شاهد يا رعاك الله ؛ كيف تتعثر المدينة العريقة ؛ على مدى عقود ونضالات جسيمة ، في بناء لحمتها وتسييج ساكنيها بسياج التآخي والتآزر والحض على المكارم وفضائل الأعمال ، ليكونوا كالجسد الواحد يتداعى حين يشتد الكرب ! .
فما بالك بدويلة غلب على أرضها وأهلها الشظف والنضوب وحضاضة الطبع ؟ ولو أنها نمت وتسارعت نهضتها بفعل النفط الناضب ، فالنهضة المشتراة أو المنتهبة ليست كالنهضة النابتة أصلا وفصلا .
بينما لا أثر للدين في غالب حياة الدويلة التي تمضي بثبات نحو الإفتضاخ والتفسخ و التهويد ، بينما تتباعد بأوثق الخطى عن كل ما هو إسلامي ورصين ، كما لا أثر لآصرة الدين والمصير المشترك في مسلك عيال زايد تجاه ما يجري في غزة ولبنان .
كما لا أثر له البتة في الذي يجري فوق أرض السودان من تبشيع بالنساء والكهالة والرضع . بل هم الذين صنعوا ؛ أصالة أو وكالة ؛ كل تلك المهالك والمقاتل التي بصمت عليها بالعشرة تقارير محايدةٍ .
ووثقتها شهادات وحقائق وصور ومعروضات ، أظهر من الشمس في رابعة النهار !
وإني لأرجو ، كما رجا أخي هاشم ، أن تتأسس دراسة عاجلة ترد الهجمة المليشياوية الشرسة على بلادنا إلى أصيل منشأها من حيث الطبع والسلوك ، وتأكيد صميم صلتها، بما أشبعنا ثقة ، بالإمارات من حيث التعهد والرعاية والتمويل والسقاية بماءٍ واحد .
إمارات معتدية أثيمة لا تزال ، لا يردها أو يردعها وازع قيمي أو قانوني ، ولا يقظة ضمير ، يذكٌر القوم بإحسان السودان ونجداته ومودته التي يعرفها القاصي والداني .
ومن بعد ربط سوء سلوك آل دقلو مع سوء سلوك آل زايد ، فإن ثمة مطلبٍ رئيس ، يستلزم وضع التدابير لحسم الظاهرة القاهرة ومنع تكرارها ، إنْ عبر تمدين بادية النهٌابة منهم و تمتين الغلبة الحضرية عليهم ، أو بزجرهم وردهم إلى الغياهب التي هُرعوا منها لبسوموا أهل الحضر كل أصناف العذاب والمقتلة التي لا تكاد تنتهي ..
وبينما يعيث هؤلاء التتار الأراذل ويعبث أولئك الأغيار المهاييف ، فإن مما ينبغي أن يكون مفهوما ومحفوظا للجميع ، أن الأيام دول ، وأن شعب السودان صاحب السيادة والريادة ، قادر وعازم على النهوض من تحت الركام ، وإنٌ له لصولة وجولة ..
وفي مقام التذكير بتعاقب الأيام ومواقف الكبار وبسالتهم في وجه الأعداء ، نستدعي المقولة الشهيرة لمؤسس الهند العظيمة غاندي وهو يردد : (في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر)
ودمتم