مقالات الرأي
أخر الأخبار

أزمة التعليم السوداني في مصر: تحديات عميقة وحلول مستدامة – شئ للوطن – ✍️ م.صلاح غريبة

تشكل أزمة التعليم السوداني في مصر تحديًا كبيرًا يهدد مستقبل آلاف الطلاب السودانيين. فإغلاق المدارس السودانية في مصر، وإن كان قرارًا ضروريًا لتصحيح الأوضاع، إلا أنه كشف عن أزمة أعمق في النظام التعليمي السوداني.

تتعدد أسباب هذه الأزمة، ولا تقتصر على عدم الامتثال للقوانين واللوائح. ويعتبر التخطيط السيئ من أبرز هذه الأسباب، في غياب التخطيط الاستراتيجي لإنشاء وتشغيل المدارس السودانية في الخارج، مما أدى إلى عشوائية في تأسيس هذه المدارس وعدم استدامتها، بجانب انتشار الفساد في قطاع التعليم وسط المراكز التعليمية بظاهرة العشوائية في الرسوم الدراسية والخدمات الاخرى، مما أدى إلى استغلال الطلاب وأولياء الأمور، بجانب الافتقار إلى الرقابة الفعالة، فضعف الرقابة من قبل سفارتنا في الخارج على ظاهرة انتشار المراكز التعليمية والإصرار على تسمينها مدارس وأكاديميات وتعليم مجتمعي على المدارس السودانية العاملة في الخارج، مما سمح بانتشار المخالفات وانتهاكات حقوق الطلاب، بجانب أنها جميعا تعلن في لوحاتها الإعلانية أنها تتبع السفارة والملحقية الثقافية دون مساءلة من أحد، كما ان الحرب في السودان أدت إلى تفاقم الأزمة، حيث زاد عدد الطلاب النازحين إلى مصر مثلا، مما زاد الضغط على النظام التعليمي هناك.

يعاني الطلاب السودانيون وأسرهم من آثار إغلاق المدارس السودانية في مصر، حيث يتعرضون للتشرد التعليمي وفقدان فرص التعلم، مما يؤثر سلبًا على مستقبلهم. كما يتحمل أولياء الأمور أعباء مالية كبيرة نتيجة البحث عن بدائل تعليمية، فضلاً عن القلق النفسي على مستقبل أبنائهم، وازعاج الأبناء للمجتمع المحلي المحيط بهم.

حققت العديد من الدول العربية والإفريقية نجاحًا في إدارة مدارسها خارج حدودها، من خلال التخطيط السليم، والرقابة الفعالة، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للمدارس والطلاب. يمكن للسودان الاستفادة من هذه التجارب الناجحة لتطوير نظامه التعليمي.

يلعب المجتمع المدني والدور والأندية والمراكز الثقافية السودانية بالخارج دورًا حيويًا في دعم التعليم في السودان. حيث تقوم العديد من المنظمات غير الحكومية بتقديم خدمات تعليمية للطلاب المحتاجين، وتدريب المعلمين، والدعوة إلى الإصلاح التعليمي.

الحلول المقترحة في ضرورة إصلاح النظام التعليمي، بإجراء إصلاح شامل للنظام التعليمي السوداني، بما في ذلك تحديث المناهج الدراسية، وتطوير البنية التحتية للمدارس، وتدريب المعلمين، مع تفعيل الرقابة الحكومية وتشديد الرقابة على المدارس السودانية العاملة في الخارج، وضمان التزامها بالقوانين واللوائح المعمول بها، وضرورة إنشاء هيئة مستقلة للتعليم تتولى مسؤولية وضع السياسات التعليمية وتنفيذها، وتكون خاضعة للمساءلة، مع توفير الدعم المالي والمعنوي للمدارس السودانية العاملة في الخارج، لتتمكن من تقديم خدمات تعليمية عالية الجودة، وتعزيز التعاون مع الدول المضيفة للطلاب السودانيين، لتسهيل إجراءات تسجيل الطلاب في المدارس الحكومية أو الخاصة، وتوفير التسهيلات اللازمة لهم، بالاضافة الى تطوير البرامج التعليمية عن بعد لتوفير فرص التعلم للطلاب السودانيين الذين لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس التقليدية.

إن أزمة التعليم في السودان تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للخروج بحلول جذرية وشاملة. الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى