مقالات الرأي
أخر الأخبار

الموبغات والنجوم – من الواقع – ✍️ بروفيسور عوض إبراهيم عوض

قد يندهش البعض من هذا العنوان، وقد يتساءل البعض عن مضمونه وما دعا إليه في هذا الوقت. وإجابتي ببساطة هي كثرة أعداد النجوم والفنانين والمبدعين في شتى مجالات العطاء الإنساني الذين أدمنوا ممارسة الموبغات التي أدت بهم إلى الهلاك. والأمراض التي فتكت بالعشرات من المبدعين عبر السنوات كثيرة وعلى رأسها مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) الذي نحمد الله أنه قد تراجع كثيراً بفضل الحملات المكثفة التي قادتها كثير من دول العالم لمكافحته. وإذا كان هذا المرض قد انحسر فإن الممارسات التي قادت وتقود إليه لم تنحسر. بل وقد تولدت أمراض أخرى ليست أقل فتكاً من الإيدز، وسببها المباشر هو تلك الممارسات التي أشرنا إليها. والموبغات كلها محرمة ولا أخلاقية، ولا تقبلها الفطرة السليمة، ولا الأديان، ولا القوانين، ولا موجهات الصحة العالمية التي ظلت على مر السنوات تحذر الناس منها. ولعل المسألة قد تجاوزت العاطفة لتتغلغل في عظام المجتمعات بشكل مخيف، وليست بلادنا منها ببعيدة. وخطورتها أنها ظلت على مر السنوات تقضي على حياة الإنسان، وإذا لم تسبب الوفاة فإنها تشوه جمال الخلقة التي أرادها الخالق جل وعلا تاجاً على رؤوس أصحابها في كل المجتمعات. وظلت ممارسة هذه الموبغات تؤدي إلى هزال أعضاء من يمارسها فتهترئ أطرافه وتضمر، وترتجف أوصاله بشكل أقرب إلى الشلل الرعاش. ويصبح في نهاية المطاف عالة على أهله ومجتمعه ومحبيه، فيتمنى الرحيل قبل أوان الرحيل. وقنوات الإعلام لم تقصر في نقل صور عشرات المشاهير الذين شوهتهم وأقعدتهم ممارساتهم للرذائل التي تمثلت في تعاطي الخمور والمخدرات، وممارسة الزنا أو الشذوذ بشتى أشكاله. وبعضهم أنهكهم الداء العضال فأصبحوا عظة وعبرة للآخرين طوال ما بقي من حياتهم. بل إن بعضهم قد وضعوا حداً لوجودهم بين الناس فلجأوا للانتحار. وبعضهم انزوى من المجتمعات حتى التقطته دور رعاية العجزة والمسنين وآوته ما تبقى من عمره. وكلها نتائج لا يتمناها الإنسان السوي بأي حالٍ من الأحوال. ومقارنة بسيطة بين طبيعة الإنسان قبل الإصابة بمثل هذه الأمراض والتشوهات وما كان عليه حاله قبلها كفيلة بأن تكون عبرة للعاقلين بتفادي مسببات هذه الأمراض اللعينة وهذه النهايات المحزنة. وقد أثبتت الدراسات قبل زهاء العشر سنوات أن داء الإيدز الذي أخذناه كنموذج قد ثبت أن 99% من الإصابات به في العالم كانت بسبب هذه الموبغات التي يسعى إليها الإنسان بنفسه. وكانت المخاطر والمآسي الناتجة عنه هي التي فرضت اهتمام الأوساط بها، فتقاطر الكثيرون مرغمين وصاغرين نحو المؤتمرات الدولية والإقليمية التي نظمتها مكاتب الأمم المتحدة بعدد من عواصم العالم للحد من غلواء هذا المرض اللعين. وللأسف كان معظم الذين راحوا ضحيته من النجوم. وبينهم المطربون، والممثلون، ولاعبو كرة القدم، وممارسو الرياضات الحديثة، وعدد من الأدباء. ومما أثار مخاوف الناس أن الإحصاءات قد أكدت أن عدد المصابين في العالم قد بلغ الملايين قبل أن يقل هذا العدد بفضل تجاوب الكثيرين مع نداءات الاستغاثة التي روجت لها المنظمات المختلفة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية. وأذكر أن عدد المصابين في البلاد العربية كان قد بلغ 550 ألف مصاب مع مطالع هذا القرن. وكان كثيرٌ منهم من نجوم المجتمع اللامعين. وقد بلغ عدد الذين أصابتهم العدوى 83 ألفاً كما ورد في الإحصائيات التي نشرتها الصحف في تلك الفترة. وقد تأكد موت معظمهم بسبب تلك الإصابات. والمأساة الأكبر التي أكدتها تلك التقارير أن معظم الإصابات قد كانت لدى الشباب الأصغر سناً. والسبب لا يحتاج إلى كبير عناء في التفكير. إلى جانب ذلك فقد تزايد عدد النساء المصابات في بلادنا الإفريقية وبينها السودان للأسف نتيجة أشياء كثيرة على رأسها تعاطي الجنس مع الشباب المراهقين خصوصاً بين طالبات المدارس والجامعات اللائي حسبنه نوعاً من الترفيه والمتعة المباحة. والحمد لله فقد انحسرت موجة الكرونا اللعينة التي جاءت لاحقاً وحصدت الآلاف هي الأخرى. والآن يتحدث الناس عن الكبد الوبائي وغيره من الأمراض الفتاكة التي انتشر كثير منها بين النجوم بسبب الإدمان، وتفسخ الأخلاق، والانخراط في الموبغات التي حرمتها كل القوانين والأديان ولفظتها الفطرة السليمة. ولعل الذين تابعوا مخرجات ورشة العمل الإقليمية التي نظمها المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والتي تناولت هذه المشاكل وعلى رأسها الإيدز قبل أن ينحسر في معظم القارات قد يندهش لما خرجت به أوراق العمل الطبية التي أدهشت العالم كله. وكانت الإشارة لنجوم الفن والرياضة وغيرها هي الأكبر في كل المشاركات. حيث قال الجميع إن غالبية الذين فتكت بهم هذه الممارسات لا سيما في الغرب وفي إفريقيا هم من النجوم الشباب. وكان الاهتمام العالمي والإقليمي بالورشة مثار نقاش حتى على مستوى مجالس الوزراء والإدارات التنفيذية لعدد من الدول. وكانت مشاركة الإعلاميين فيها كبيرة إلى جانب الفنانين الذين تراوحوا بين موسيقيين وممثلين ومخرجين ومنتجين سينمائيين وغير ذلك. والسبب الأساسي لهذه التظاهرة هو خطورة المصير المؤلم الذي ينتظر ممارسي هذه الموبغات وهم بالملايين في شتى أنحاء العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام