حوار خاص مع القنصل العام للسودان بليبيا – مقاربات – 🎙️ حوار د. مريم رضوان
تمتد العلاقات التاريخية بين السودان وليبيا، إلى آلاف السنين، وهي علاقات مشرقة ذات منحى تصاعدي يتجاوز كل العوائق. تمثل مسارا طبيعيا ومتوقعا إستنادا إلى العديد من الأسس والركائز، التي تجسدت على مر التاريخ.
في مقابلة حصرية أجرتها د.مريم رضوان مع سعادة عبد الرحمن محمد رحمة الله، القنصل العام لجمهورية السودان في ليبيا ببنغازي . سير مركبه وسط الجالية السودانية بعجلات متينة لن تهتز، وتفكير إستراتيجي وفق أنساق خبرةعلمية وعملية، وبمعرفة أن المسافة الفاصلة بين العمل والقيمة ملغاة في فضاء الحكمة.
يجيب سعادة القنصل عن كثيرا من الأسئلة والإستفسارات بإعتبار لما لها من أهمية ومسؤولية في آنٍ وأحد.
*تتزايد أعدد السودانيين القادمين، الي ليبيا بكميات مهولة بسبب الحرب في السودان، منذ15 أبريل 2023 ، ماهي الألية المعتمده في هذا الأمر*؟
اوضح سعادة القنصل بأن منذ بداية تمرد قوات الدعم السريع المحلولة، و إندلاع حربها ضد القوات المسلحة، كان واضحا بالنسبة لنا إن ليبيا ستكون وجهة أساسية لأعداد كبيرة من النازحين. لذلك ومع تباشير وصول الأفواج الأولى، تم التنيسق مع السلطات الليبية للسماح بدخول وإقامة الواصلين إلى الحدود، دون عوائق وهو ما يحدث الآن. حتى إن معظمهم لا يحمل جوازات سفر ولا مستندات ثبوتية، لذلك نشهد للسلطات الليبية بالتعاون التام، وتقدير أوضاعهم ونشكرها على ذلك.
*نظمت الجالية السودانية بالمنطقة الشرقية عدة وقفات تضامنية، لدعم ومساندة القوات المسلحة، في حرب الكرامة التي تخوضها ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة. تحت شعار جيش واحد- شعب واحد كيف تم التنسيف معكم* ؟
صحيح نظمت الجاليات السودانية في كل المنطقة الشرقية بليبيا، نفرات دعم ومؤازرة للقوات المسلحة عكست تلاحم وتأييد السودانيين لقواتهم المسلحة، وهي تتصدي لتمرد قوات الدعم السريع المحلول في عدوانها وبربريتها ضد الشعب السوداني. وكانت تقريباً أكبر نفرات أقيمت لدعم القوات المسلحة خارج السودان، وأختتمت بنفرة كبرى في مدينة بنغازي قدمت فيها الجاليات السودانية بالمنطقة الشرقية، وثيقة عهد ومبايعة. لسعادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة، اكدت من خلالها وقوفها مع الجيش والشعب حتى دحر التمرد.
*تغيب الأرقام الرسمية فيما يتعلق بعدد الجالية* *السودانية المتواجده في ليبيا منذ سنوات، ولاتوجد أرقام موثقة والآن زاد تعقيد للأمور بعد الحرب*؟ أوضح القنصل العام بأنه للأسف لا توجد إحصائية دقيقة، بأعداد السودانيين الموجودين في المنطقة الشرقية بليبيا، لعدة اسباب أهمهما كثافة حركة الدخول والخروج بطريقة غير نظامية. وعدم الإلتزام بتوفيق الأوضاع الهجرية بالحصول على إقامات نظامية، لأعداد كبيرة وعدم إستخراج الكثير من المقيمين هنا لجوازات سفر، لهم ولأسرهم اما لعدم وجود الخدمة، او لعدم إهتمام الكثيرين بذلك. لأن إستخراج المستندات الثبوتية أهم وسيلة لحصر المقيمين.
*على أي أساس تجمع بيانات القادمين الي ليبيا، وكيف يتم حصرهم وهل توجد لجان إدارة للأزمات وماهي مرجعيتكم في الحصر ؟وهل توجد إستمارة مسح أولى للنازحين* ؟ نظرا لأن النازحين وصلوا في ظروف صعبة ومعقدة، كان لابد من التفكير في سبل إيوائهم ومعيشتهم، فتم إستنفار الجاليات السودانية في المنطقة الشرقية. وتحولت لجان تلك الجاليات إلى خلايا لإدارة الأزمة وصممت إستمارة وزعت على الجاليات لحصر القادمين وتصنيفهم، وتقديم ما يحتاجون ٠
*يواجه النازحين مجموعة متنوعة من الإحتياجات، بما في ذلك الحصول على الغذاء ،التعليم ، الرعاية الصحية، والمأوي ماهي التدابير والمساعدات التي تمت في هذا الأمر*؟
أننا نرعى ونشجع عددا من المبادرات في أوساط الجاليات، لتوفير الاحتياجات. والتي تتكفل بذلك بصورة تامة والعمل على أستقرار تلك الأسر، يسير على عدد من المحاور. إلى جانب توفير الاحتياجات اليومية الطارئة، يتم البحث عن عمل لأرباب الأسر لإعتمادها على نفسها وقد تكفل السودانيون في كل منطقة بإيواء وإعاشة إخوانهم، وتقديم ما يحتاجون إليه .
*هل يوجد تشبيك مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ،الجهات الليبية، والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني*؟
قمت في القنصلية العامة بالتواصل مع منظمات الأمم المتحدة الموجودة، كمنظمة الهجرة الدولية ومفوضية اللاجئين، ومنظمات العمل الطوعي الليبية. وعقدنا معها عددا من الإجتماعات واللقاءات، وقامت بأدوار كبيرة لتغطية إحتياجات النازحين.
*كيف تمت الترتيبات من القنصلية السودانية ببنغازي، في مارس 2023، لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين السودانيين*؟
أوضح بأن رحلات العودة الطوعية متواصلة، بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية حيث مقرراً تسيير عدد ست رحلات للعام 2023، وتم تسيير ثلاثة رحلات منها حتى مارس 2023. استفاد منها زهاء ال150 مواطنا سودانياً عادوا طوعاً، إلى السودان الا انها توقفت لظروف ما حدث وستستأنف مباشرة بعد توقف الحرب.
*هل توجد مخاوف من إحتمالية سقوط عدد من النازحين السودانيين، كضحايا لعصابات تهريب البشر خاصة أن الكفرة هي أول محطة لهؤلاء النازحين وماهي الخطوات التي أتخذت في هذا الأمر*؟ نعم هناك نشاط كثيف لعصابات الاتجار بالبشر، وللسلطات الليبية مجهودات كبيرة للسيطرة عليه، وهو نشاط ضحاياه الراغبين في عبور المتوسط إلى أوروبا من مختلف الجنسيات. ولا سبيل للحد من ذلك النشاط، الا بالسيطرة على الحدود المشتركة بين البلدين، وعلى القضاء قبل ذلك على الأسباب التي تدفع للجوء .وللأسف هناك كثير من المهاجرين قد فقدوا أرواحهم جراء ذلك.
*ليبيا توجه لإستيعاب طلاب السودان اللاجئين في مؤسساتها التعليمية ( الاساس، المتوسط، الثانوي) وماذا عن التعليم العالي*؟
بناء لإجتماع السفير في طرابلس مع وزير التربية والتعليم ،تم الاتفاق على قبول ابناء النازحين في المدارس والجامعات الليبية دون التقيد بالمستندات. لكن للأن لم يتم التنفيذ لكن بصدد هذا الأمر لنا لقاءات مع المسؤولين الليبيين، وقريبا تتضح الرؤية .لكن توجد تسهيلات من قبل القنصلية السودانية في إجراءات القبول للمدارس والجامعات لاكمال المعادلة. لكن قرار القبول المجاني لم يتم حتي الأن.
*هل تم تسجيل السودانيين من القتلى أو المفقودين من كارثة درنة*؟ نعم يوجد لدى القنصلية العامة حصر شامل ودقيق بضحايا اعصار درنة، من المتوفين والمفقودين وحتى المتضررين ونوع الأضرار التي لحقت بهم، وتم تزويد ادارة القنصليات وشؤون الجاليات في وزارة الخارجية بها. ونتابع مع اللجنة التي كونتها السلطات الليبية لحصر وتعويض الضحايا، وقد قمنا بتسجيل أكثر من زيارة لدرنة، ودعمنا الاسر التي كانت مقيمة بعد الإعصار في دار الجالية. وفي المرافق العامة ماديا وتابعنا توفيق أوضاعها. ولا نزال نتابع ما بقي منها بالتنسيق التام مع الجالية هناك .وشاركنا في العزاء الذي أقامه الليبيون لضحايا الكارثة في منطقة مرتوبة، والذي كان له كبير الأثر في نفوس الليبيين، واسر الضحايا إلى جانب تسهيل ورعاية وقفة الجاليات السودانية، مع المتضررين جنبا إلى جنب مع الليبيين .
*ماهي الإجراءات التي تم إتخاذها للحد من الهجرة غير الشرعية للسودانيين عبر ليبيا*؟ ملف الهجرة غير الشرعية، ملف شائك ومعقد، وصار من الملفات ذات الاهتمام العالمي ولا يمكن الحد من الهجرة غير الشرعية إلا بالقضاء على أسبابها من الفقر والبطالة، في دول المصدر والناتجة من الحروب، وعدم الإستقرار والأمر يحتاج إلي تعاون وتنسيق، من دول المصدر والدول التي يقصدها المهاجرون.
*يعد ملف المدرسة السودانية في غاية الأهمية، و من ابرز الملفات الشائكة، ماهي الحلول العاجلة التي تمت في هذا الأمر*؟ أن المدرسة السودانية من الملفات التي أوليناها عناية فائقة، فقد استطعنا خلال الفترة الماضية من تحسين البيئة المدرسية، لتلبي متطلبات العملية التعليمية والتربوية. وتعزيز دور المجلس التربوي وإنشاء معمل للحاسوب ،وكونا لجنة من الفاعلين للبحث عن مبنى مناسب للمدرسة .كما تم تعيين معلمين للمدرسة تنطبق عليهم شروط وزارة التربية والتعليم .توجد معالجات لأوضاع الطلبة النازحين، تتطلب نهجا شاملا يتناول الجوانب التعليمية وطرائق حلولها كذلك الجوانب النفسية والاجتماعية.
وأختتم سعادة القنصل حديثة لن تثمر اي أفعال بنتائج ناجحة، ما لم تكن المعرفة المفيدة، و المتجددة وسيلتها. وأن الإلتزام هو جوهر المسؤولية، وله بعد أخلاقي، وبمقتضاه يحاسب المرء على أدائه لهذا الإلتزام.