في زمن الحروب، لم يعد الإعلام مجرد ناقل للأخبار أو أداة للتأثير على الرأي العام، بل تحول إلى سلاح ذو حدين يُستخدم في ساحة المعركة الافتراضية. لقد تجاوز دوره التقليدي في الحشد والتجنيد وبث روح البطولة، ليصبح أداة حاسمة في حروب الجيل الخامس، حيث تُستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة للتلاعب بالمعلومات ونشر الدعاية وتشويه الحقائق.
مصطلح “حروب الجيل الخامس” يشير إلى نوع جديد من الحروب التي تُستخدم فيها تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة للتلاعب بالمعلومات ونشر الدعاية وتشويه الحقائق، وهو ما يجرى الآن في معظم الساحات التي تدار فيها معارك ما، وبخاصة السودان، ومن أدوات إعلام حروب الجيل الخامس، شبكات منصات التواصل الاجتماعي والتي أصبحت تستخدم لنشر الشائعات والأخبار المزيفة، وخلق حالة من الفوضى والبلبلة بين صفوف العدو من الطرفين، بجانب الهجمات الإلكترونية التي تُستهدف مواقع حكومية وعسكرية لنشر الخوف وإعاقة العمليات الحيوية، وتُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد الجمهور المستهدف وتقديم رسائل دعائية مخصصة تناسب اهتماماته وتسعى الجهات المتحاربة لفرض سيطرتها على رواية سردية الأحداث، وخلق صورة إيجابية لنفسها وصورة سلبية للعدو.
آثار الإعلام في حروب الجيل الخامس تظهر في تآكل الثقة في المؤسسات، فيؤدي كمية المعلومات المضللة والكاذبة إلى فقدان الثقة في وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية، بجانب الاستقطاب والتفرقة، فتُستخدم رسائل الكراهية والتحريض على العنف لتقسيم المجتمعات وإثارة الفتنة، والتأثير على القرارات السياسية باتخاذ قرارات سياسية خاطئة لها عواقب وخيمة.
يمكن ترويض ومهادنة الإعلام في حروب الجيل الخامس بتعميم نهج التربية الإعلامية: وتعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الجمهور لتمييز الحقائق من الشائعات، مع التحقق والتأكد من صحة مصدر المعلومات قبل مشاركتها على الإنترنت، والاهتمام مع دعم الصحافة المستقلة والتي تعد مصدرًا موثوقًا للمعلومات، وتلعب دورًا هامًا في كشف الحقائق ومحاربة الدعاية، مع تكثيف جانب التعاون الدولي لمكافحة انتشار المعلومات المضللة على الإنترنت.
أصبح الإعلام في حروب الجيل الخامس سلاحًا ذا تأثير كبير على مجريات الصراع. من خلال فهم آليات عمله وأدواته، يمكننا اتخاذ خطوات لمواجهته وحماية أنفسنا من آثاره السلبية.