من خلال متابعتي لمجريات الاحداث منذ العام
2013 بعد الميلاد وقبل سقوط نظام البشير في الحادي عشر من ابريل للعام2019 ،،تيقنت أن نتيجة ما حدث وما كان يحدث من هشاشه للدولة وانتشار الفساد والمحسوبية وعمليات بناء إمبراطوريات لها،، والإستقواء والاستقطاب الاثني والعرقي وغياب مشروع وطني قومي،،يتوافق معه كل نخب وسادات وعلماء واحزاب السودان،، يعمل وفقا” لخطط واستراتيجيات،، تستوعب معها كل ما من شأنه إعلاء قيمة الوطن والمواطن،،ونبذ العنصرية والتنادي القبلي قبل الوطني،، والاخفاق في تمدد التعليم النوعي والوعي الثقافي والاجتماعي والتمدن والمشاريع الاقتصادية العملاقه،، والخدمات في غالبية مساحة وطننا الجريح..في غياب ذلك المشروع،، لم تكن تلك السنوات التي افضت لما نحن عليه
إلا نتيجة لحالات وافعال وتراكمات ممتدة وعميقة
تفوح منها رائحة الخيانة
لغالبية الذين كانوا يتحدثون بإسم الوطن،،
من الاحزاب والقوى المدنية والحكومات الائتلافية التي كانت تشكل من حين لآخر وفقا” لإرضاءات سياسية..لتهدئة العواصف التي كانت تثار هنا وهناك وتنذر بتمدد رقعة التشظي والتآكل لوطننا،، من وقت لآخر،، حفاظا” على ما تبقى من ارض الوطن بعد إنفصال الجنوب،، نتيجة لحرب ممتدة لعقود من الزمان معلنة عن فشل كل الجهود لإبقاء الوطن وإرثه وخريطته كما رسمها المستعمر قبل ان يغادر،،، مُودِعا” خلفهُ كثير من الملفات والقضايا المعقدة،، عجزت عن حلها كل نخب البلاد منذ فجر الإستقلال وحتى يومنا هذا.
و(الخونة والخيانة) آفة وسرطان ظل ينخر على جسد الوطن،،دونما هواده،،في كل الفترات التي كان من المفترض ان نبدأ فيها مسيرة النماء والتطور وبناء الدولة ، فكلما أستبشرنا خيرا” بمن يأتي حاكما” ومنقذاً وأستشعرنا معه وفيه أنهُ المُصلِحُ المددُ،،، و(البشير مثال) رُغما” عن تحفظنا بأنه اتى على ظهر دبابة،مسنودا” من فئة سياسية،، مكونها من ابناء جلدتنا وسودانيين ليس في ذلك شك وفيهم ومنهم من نحسبه صادقا” وحريصا” على تحقيق المشروع الوطني المفقود(الكنز الضائع)،، ومن خلال عملي في الإعلام ومنظمات المجتمع المدني إلتقيت وحاورت وناقشت وتابعت مسيرة عدد من قيادات الإنقاذ ممن نستشعرُ فيهم الوطنية والبعد عن العمالة والنأي عن اللوبيات وامبراطوريات الفساد،، ومنهم من كان يعمل في صمت وتجرد ونكران،، ومن لا يميل للإعلام ولا ينفعل مع الهتافات،، ،وفي ذاكرتي مثال لذلك(بروفيسور ابراهيم غندور)..وما زلتُ أذكر مشاركته الاخيرة في البرلمان بصفته وزيرا” للخارجية وهو يتحدث بكل صراحة ووضوح لما آلت عليه وزارته من عجز بسداد مرتبات البعثات ودفع ايجارات مقارها المنتشرة في كل بقاع العالم،،وهو لا يخشى ضياع منصب او فقدان كرسي،، وأعتبره من السياسيين الوطنيين الاوفياء،، وكان بعيدا” عن الخطاب المؤدلج وحريصا” على كسب الخصوم قبل الأصدقاء..وما ذكرتهُ مثالا”إلا لقناعتي بأنه من الممكن أن يسهم بصفتهِ الشخصية في رأب الصدع وتقريب وجهات النظر في حال كان هنالك حوار(سوداني/ سوداني) يسعى لتضميد جراح الشأن السوداني ووحدة الصف وبناء المشروع القومي (بعد الحرب)…
وترشيحي هذا للبروفيسور ابراهيم غندور وفقا” لإنتمائه الوطني،، مستقلا” عن إي تيار سياسي أو جهوي،، وكامل الثقة بأن هنالك رجالٌ من كل ولايات السودان وبمختلف وتبايانات إنتماءآتهم بقامة بروفيسور ابراهيم غندور،،.ونأمل ان نمهد نحن في قبيلة الاعلاميين لمثل هكذا مبادرات من شأنها فتح مفاهمات وحوارات عميقة،، تصل بنا إلى توافق ووحدة الصف في سبيل لحق ما يمكن لحاقه من وطن على حافة الضياع.. . وبالرجوع إلى واقع الحال
لحقبة(حكومة الصادق المهدي)1986/1989 وما لازمها من إخفاقات عظيمة افضت لتدخل المؤسسة العسكرية،،لتبدأ حقبة(الإنقاذ) ورُغما عن مآخذنا الكثيرة عليها،، إلا أنه كان من الممكن ان تُحيل بلدنا في مصاف الدول الموحدة والمتطورة والثرية(إنساناً وارضاً)
،، وكانت من الممكن أن تهئ وتنشئ نظاما” قوياً لتداول السلطة يجمع كل السودانيين،، لكلمةٍ سواء..
ولكن كان سيف(الخيانة) مسلطا” على رقاب البلاد والعباد،، وترجل نتيجة لذلك كثيرٌ من الوطنيين الخُلص،، وأصحاب الرأي والعلماء
بسبب سلطة وسطوة (الخونة والعملاء) واختراقهم وتوغلهم داخل مراكز اتخاذ القرار لتحقيق أهداف رخيصة لا تخلو من الانانية والعمالة والاسئثار بموارد الدولة.وإرضاء لسادتهم في الداخل والخارج..
ومثل هؤلاء الخونة ممن يتصدرون المشهد ويعتلون المنابر،، يخدعونا بطيب الكلام،، ويوروثونا سوء الافعال والتنكر لوطنهم،،لتحقيق مآرب وأهداف أقل ما يمكن وصفها بأنها رخيصة ووضيعة،، هم منا وفينا وممن يحسبهم الجاهل،، (وطنيون حد النخاع) … ولا يدري انهم باعوا الوطن والمواطن بثمنٍ بخس..
فتساهل أهل الإنقاذ في حسم ووأد (الخونة والخيانة)(والمفسدين) وتقليص مساحاتهم،،وسحقهم،، أفضى لنهاية تلك الحقبة بإيدي ربانها وقادتها(بدون وعي منهم) بأن نتيجة تلك الانتكاسات الاخلاقية والتجاوزات والإفلات من العقاب والوعود الكاذبة.. يمكن ان يسارع في غضبة الشعب الصابر المحتسب المغلوب على امرهِ والشغوف والمتعطش لعهد ينبتُ فيه_ الزرعُ ويمتلئُ الضرع ..
وبتقريبهم لاؤلئك الخونة،،والفاسدين أضاعوا فرصةً تاريخية كان من الممكن ان تصنع فارقاً في تاريخ وطننا وموقعه وتأثيره على المستوى الإقليمي والعالمي.
وللأسف وبغياب المشروع الوطني المتكامل.. ، ،إمتدت رقعة (الخونة)و(العملاء) حتى بعد سقوط البشير،،وبدأت رحلة التآمر والعمالة في الإنتشار لتبلغ أعلى مستوى لها ولم يسبق لهُ مثيل،،بعد الحادي عشر من ابريل2019
ولم يسلم قطاع،، او مؤسسة،، او حزب من إلتفاف الخونة والعملاء ولئام القوم وبالتأكيد غياب الوطنية هذا لم يكن صدفة،، ولكنه وليد لسنواتٍ عجاف من الإستئثار بالسلطة وحجر الرأي والرأي الآخر،، داخل دور ومؤسسات الدولة والاحزاب التي نمت وترعرعت فيهما كل اشكال الخيانة والعمالة والتآمر،، ضد الوطن وإنسانه…
حتى أصبح وأمسى الخونة والعملاء يعملون في الجهر،، ويصرخون في قنوات التلفزة ليلا” ونهارا في تحدي واضح وصريح ودونما خجل او استحياء،،وكأنهم أمنوا العقاب،،بناءً على ما كان سابقا” في سلسلة الإنهيار الوطني والأخلاقي،، بسبب هؤلاء الخونة الذين كانوا يُكٓرٓمُون من الدولة من أعلى مستوياتها..في سابق العهد ويتنعمون بحر مال الشعب السوداني..
ولكن نقول لهم:
أن شعب و سودان ما قبل الحرب،، ليس هو شعب و سودان ما بعد الحرب…واهدي لهم
ما قاله الشاعر اليمني فتح مسعود،، ويتوافق تماماً مع واقعنا مع الخونة والعملاء
سنبيعُكم لكنْ لمَن ؟! مَن يشتري منا العفَن ؟!
مَن يشتري منا النجاسةَ والقذارةَ والفتنْ ؟!
مَن يشتري منا صراصيرَ النذالةِ والوهَـن ؟!
مَن يشتري منا الكوارثَ والمصائبَ والحزنْ ؟!
مَن يشتري منا الجراثيمَ المضرّةَ بالبدن ؟!
مَن يشتري منا اللصوصَ المستغلّينَ الخوَنْ ؟!
مَن يشتري العملاءَ والجبناءَ والأوساخَ مَن ؟!
★ سنبيعُكم لكنْ لمَـن ؟! ★
مَن يشتري منا الفطافطَ والضلافعَ والمِحَـن ؟!
مَن يشتري منا البواسيرَ الخبيثةَ والدرَن ؟!
مَن يشتري شرَّ الدوابّ ، وشرَّ عُبّـادِ الوثن ؟!
مَن يشتري منا الشواذَ من الخليجِ إلى عدن ؟!
مَن يشتري عيباً يفضّل عن مخازيهِ الكفـن ؟!
مَن يشتري عاراً علينا يستحي منهُ الزمن ؟!
★ سنبيعُكم لكنْ لمَـن ؟! ★
لستم كلاباً للحراسةِ كي يكونَ لكم ثمَن ..
لستم حميراً للركوبِ ، ولا بغالاً للمُـؤَن …
لستم دجاجاً تؤكلونَ ، ولا دواباً تُحتضَن ..
لستم نعالاً تُلبَسون ، ولا عبيداً تُؤتمَـن …
مَن يشتريكم من بلاد العُربِ مجّاناً ومَن ؟!
سـنبيعُكـم لكنّـهُ لـن يشتري أحدٌ ولـن …!!
باللهِ لو أكرمتمونا فارحلـوا عنّـا إذا” ،،
موتوا أو انقرضوا إذاً
وإذا انتحرتم سوف نشكركم على حُبّ الوطن
تعليق واحد