مقالات الرأي
أخر الأخبار

صقر التراخي ✍️  محمد العاقب

القلوب يعتصرها الألم من المشاهد والحكاوي التي يرويها النازحون من هذه الحرب المزعزعة للحياة المهلكة للإنسان والمدمرة للبنى التحتية والاقتصاد

نسأل الله أن تستقر الأوضاع وتعود إلى طبيعتها.

هذه الحرب فرضت على المواطن واقعاً مريراً ولا مخرج من ذلك إلا الصبر والدعاء بالتخفيف والنصر للقوات المسلحة.

النازحون إلى ولاية سنار جزءاً من المواطنين الذين زعزعة استقرارهم الحرب الضروس غير أنهم صابرون على الإبتلاء وسيعوضهم الله خيراً ويسراً بعد عسرا، هؤلاء النازحون ورغم ما قُدًٍم لهم من مساعدات إلا أنهم بحاجة إلى المزيد فيما يتعلق بالإيواء والغذاء والدواء خاصةً وأن الخريف على الأبواب نأمل أن تستشعر المنظمات العاملة في مجال دعم الإنسانية الهم وتقوم بالواجب مسحاً للدموع وتخفيفاً للألم وتطييباً للخاطر وتيسيراً لتعقيدات العيش.

ولاية سنار بقوة قلب وصفاء نية فتحت مدارسها من خلال تحليل للواقع وتفكير في التلاميذ والطلاب شمعة المستقبل، وعدد من المدارس بمراحلها المختلفة الإبتدائية والمتوسطة واالثانوية ببعض المحليات مشغولة بنازحي الحرب والحمد لله رب العالمين أن سخر لهم تلك المدارس بديلاً للإيواء في وقت المحنة رغم أنها لم تسع لهم فأضطرت بعد الأسر إلى عمل رواكيب من القش وجوالات الخيش والبلاستيك تستر وتحمي بها نفسها من هجير الشمس في عز الصيف وبرد الشتاء.

هؤلاء النازحون الذين يتخذون من المدارس مأوًى لهم والذين لم يخرجوا منها في الأسبوع الأول من فتح المدارس ليسوا ضد التعليم وإن كان بعضهم قد اعترض على دخول التلاميذ والطلاب وحتى بعض المعلمين للمدارس في مدينة سنجة في يومها الأول ١٩ مايو وإنما مع فتح المدارس واستمرار العملية التعليمية بالولاية ولديهم أبناء يريدون لهم أن يتعلموا مثلهم مثل غيرهم طالما أتيحت لهم فرصة التعليم من جديد ومجاناً حسب ما عرفناه عنهم وتأكيداتهم بأنهم ليسوا ضد التعليم ولا ضد فتح المدارس فقط يريدون موقعاً آمناً وتتوفر فيه الخدمات، وإن الموقع البديل في سنجة غير مهيأ في ذلك الوقت من خلال تسجيل زيارة ميدانية له وقفوا من خلالها على الأوضاع والخدمات قبل أسبوع من اليوم، وهي مبررات مقبولة في تقديري في ذلك الوقت لأن حالة التراخي في تجهيز الموقع البديل للإيواء حالت دون إخلاء النازحين للمدارس في الوقت المتوقع وربما ضيق اليد للجان المسؤولة هو السبب الرئيس في إعداد الموقع البديل في الوقت المطلوب، هذا غير أن استبدال المأوى المألوف إلى مأوى غير مألوف وعدم اليقين بشأن المكان الجديد يثير عدداً من المشاعر والتساؤلات والقلق عند البعض وهذا طبيعي في النفس البشرية لكن هذه المشاعر والقلق سيتغيران شيئاً فشيئا، المطلوب فقط أن تواصل اللجان المسؤولة من إعداد السكن البديل في جهدها في تهيئة الموقع حتى بعد رحيل أهلنا النازحين إليه بمعالجة النواقص التي تطرأ ليكن مقبولاً ويتناسب مع عددهم.

ولعل دعم النازحين للعملية التعليمية في هذا الوقت ضروري وفي غاية الأهمية لأن الحرب التي تدور رحاها الآن تأكد أنها ضد التقدم والنهضة والتطور بل ضد حياة الإنسان نفسه وكل ذلك لا يأتي ولا يتغير إلا بالتعليم، إذاً فليستجيب النازحون إلى المواقع التي حددتها جهات الإختصاص والتي تتوفر فيها الأمن والخدمات الأساسية بالانتقال دون تخوف أو تردد وبذلك يكونون بالفعل قد دعموا التعليم، وهذه فرصة لهم لإكتشاف أماكن جديدة وتجربة تحويلية تضاف إلى تجاربهم التي فرضتها عليهم الحرب للعيش بأسلوب حياة بسيط مع مساحة محدودة في فناء السكن مقارنة بتلك الحياة التي كان يعيشونها في منازلهم رغدة العيش وهكذا هي الحياة متغيرة من حالٍ إلى حال.

مهند عاطف محمد داؤود والذي يبلغ من العمر (٢٣) عاماً يعاني من صدمة نفسية منذ حوالي أكثر من شهر تقريباً بسبب الظروف التي عاشها بسبب الحرب حسب ما روى والده عاطف الذي أعرب عن شكره وتقديره لدكتورة صفاء التي تطوعت بمتابعة حالته الصحية منذ زيارتها لمركز الإيواء بمدرسة الفارابي المتوسطة، وأشار إلى أن ابنه كان صحيحاً سليماً دون أي شكوى، غير أن الظروف التي عاشها أدخلته في هذه الصدمة وجعلته مقيداً ومحبوساً.

وأحمد محمدين عبد الله حسين أحد النازحين بمدرسة الفارابي يعاني من الفشل الكلوي وارتفاع في البولينا، ولتوفير تكاليف العلاج يضطر أحياناً لبيع المساعدات الإنسانية والغذائية التي تمنح له حفاظاً على حياته.

هذه الحالات وغيرها تحتاج إلى دعم خاص وعاجل دون تراخٍ فمن لها من الخيرين والمنظمات، لأن حالة التراخي كثيراً ما تؤدي إلى نتيجة سالبة في الأمور التي تحتاج إلى جدية إن لم تكن صفراً وحالة مهند وأحمد تستدعي التفاعل دعماً للإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!