مقالات الرأي
أخر الأخبار

مصطفى سند شاعر فريد ومدرسة شعرية متميزة – شئ للوطن – ✍️ م.صلاح غريبة

المدينة أبها في جنوب السعودية و الأعوام 2007 و 2008، وتقودنى الخطى إلى خميس مشيط بدعوة كريمة من أسرة فاضلة وتمتد المعرفة لأفراد الجالية وأبناء كردفان، وإصرار من صديقي العزيز دكتور معاوية الجبيل لزيارة قامة سودانية تقيم بمدينة ابها، أنه شاعرنا الجليل مصطفى سند، و توثقت عرى الصداقة والتعارف وتوالت زياراتي لأبها وخميس مشيط، وإلى أن لاقى مصطفى سند ربه، بعد عناء مرضي ليقبر في أبها بحضور السفير محمد أمين الكارب سفير السودان في ذلك الوقت بالرياض، وتشريف السفارة والجالية ومحبي وأصدقاء مصطفى سند، واليوم ذكرى وفاته في مايو 2008.

في رحاب الشعر العربي، يبرز اسم مصطفى سند كشمس ساطعة، وشاعر فريد أسس مدرسة شعرية متميزة. لم يكن مجرد كاتب ينظم أبياتًا جميلة، بل كان نهرًا من الإبداع يجري بين ضفاف العربية والإفريقية، حاملًا معه ثقافات وحضارات متعددة، ولد مصطفى محمد سند في أم درمان عام 1939، ونال بكالوريوس التجارة وبكالوريوس شعبة العلوم البريدية. لم يكتفِ بالتعليم الأكاديمي، بل اتّجه إلى العمل الصحفي عام 1980، حيث شغل مناصب هامة في مختلف الصحف والمجلات، وتميز شعر مصطفى سند بتناغم بين العربية والإفريقية، معبراً عن عروبة أصيلة وإفريقية عميقة. تجلى ذلك في مجموعاته الشعرية العديدة، مثل “البحر القديم” و”عودة البطريق البحري” و”أوراق من زمن المحنة”.

لم يكن مصطفى سند شاعراً فقط، بل كان مدرسة شعرية متفردة. اتّسم شعره بالتراكيب اللحنية الجميلة والأخيلة العميقة، مع قوة في النظم وسلاسة في الألفاظ والمفردات، ويُعدّ مصطفى سند من رواد مدرسة القصيدة النثرية، حيث برز ذلك في قصائده مثل “الكمنجات الضائعة”. نافس شعره النثري الحرّ روائع الشعر العربي في تلك الفترة، مما جعله يُشبه بتجربة الشاعر العراقي بدر شاكر السيّاب، لم يقتصر إبداع مصطفى سند على الشعر فقط، بل برزت مواهبه في مجالات أخرى، مثل كتابة القصة القصيرة والشعر الغنائي.

ترك مصطفى سند بصمة واضحة في عالم الصحافة، حيث عمل في مختلف الصحف والمجلات، وترأس تحرير جريدة “الخليج اليوم” القطرية، وشغل مصطفى سند منصب مدير عام العلاقات الثقافية بوزارة الخارجية السودانية، كما تمّ انتدابه في وزارة الخارجية لمدة أربعة أعوام.

برع مصطفى سند في كتابة القصة القصيرة، ونشر العديد من قصصه في مجلة “القصة السودانية” التي كان يرأس تحريرها الراحل عثمان علي النور، ولم يقتصر إبداع مصطفى سند على الشعر المكتوب، بل برزت مواهبه في كتابة الشعر الغنائي، حيث كتب كلمات غنائية لمحمد ميرغني وصلاح مصطفى.

رحل مصطفى سند إلى رحمة مولاه في المملكة العربية السعودية بأبها في 24/مايو/2008، تاركًا وراءه إرثًا شعريًا غنيًا ومدرسة شعرية متميزة.

لقد كان مصطفى سند شاعرًا فريدًا قدم نموذجًا رائعًا للشاعر الفصيح والعامي والصحفي والكاتب والقاص. لقد أسس مدرسة شعرية متميزة اتّسمت بجمال اللغة وعمق المعنى وقوة التعبير.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!