ثورة المعلومات، رحلة عبر الزمن نحو حياة أفضل بتكلفة أقل – شئ للوطن – ✍️ م.صلاح غريبة
يحتفل العالم في السابع عشر من مايو من كل عام بيوم للاتصالات ومجتمع المعلومات، مناسبة هامة لإلقاء الضوء على مسيرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) المُذهلة، ودورها المحوري في تشكيل عالمنا الحديث، وتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
شهدت العقود الماضية ثورة هائلة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدأت من الحواسيب الضخمة التي شغلت غرفًا كاملة في منتصف القرن الماضي، مروراً بالثورة الرقمية في التسعينات مع ظهور الإنترنت والهواتف المحمولة، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في العصر الحالي، ولم تكن هذه مجرد تغييرات تقنية فحسب، بل كانت تحولات عميقة أثرت على طريقة تواصلنا، عملنا، حصولنا على المعلومات، بل وطريقة تفكيرنا.
أصبحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمثابة جسور تربط المجتمعات ببعضها البعض، وتسهيل تبادل المعلومات والخبرات، وتعزيز التعاون الدولي، فمن خلال الإنترنت، أصبح بإمكاننا التواصل مع أي شخص في أي مكان في العالم، ومشاركة المعرفة والابتكارات، والوصول إلى مصادر لا حصر لها من المعلومات والتعلم، ولم يعد العالم قرية صغيرة فحسب، بل أصبح شبكة عالمية مترابطة، حيث يمكن للأفكار والابتكارات أن تنتشر بسرعة البرق، مما يخلق فرصًا جديدة للتعاون والتقدم.
لا تقتصر فوائد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التواصل فحسب، بل تمتد لتشمل مختلف جوانب حياتنا، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية، وصولاً إلى الزراعة والتجارة، ففي مجال التعليم، تُتيح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فرصًا جديدة للتعلم عن بعد، وتُساعد في توفير تعليم ذي جودة عالية للجميع، بغض النظر عن الموقع أو الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فمن خلال المنصات التعليمية عبر الإنترنت، يمكن للطلاب الوصول إلى محتوى تعليمي غني ومتنوع، والتفاعل مع المعلمين والطلاب من جميع أنحاء العالم، وتعلم مهارات جديدة ضرورية للنجاح في القرن الحادي والعشرين.
تُستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتطوير أدوات جديدة للتشخيص والعلاج، وتحسين الوصول إلى الخدمات الصحية، وتوفير رعاية أفضل للمرضى، فمن خلال السجلات الصحية الإلكترونية، يمكن للأطباء الوصول إلى معلومات المريض بسهولة وسرعة، مما يساعدهم على تقديم تشخيصات أكثر دقة وعلاج أكثر فعالية، كما يمكن للمرضى مراقبة صحتهم بأنفسهم باستخدام تطبيقات الهاتف الذكي، والحصول على نصائح طبية من خلال منصات عبر الإنترنت.
تُستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين الإنتاجية الزراعية، وتقليل استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، فمن خلال أنظمة الري الذكية، يمكن للمزارعين مراقبة رطوبة التربة ومستويات المغذيات، والري بفعالية أكبر، كما يمكنهم استخدام البيانات المتعلقة بالطقس والآفات والأمراض لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل.
تُستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتسهيل التجارة الدولية، وزيادة فرص الوصول إلى الأسواق العالمية، وخفض تكاليف الأعمال، فمن خلال منصات التجارة الإلكترونية، يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة الوصول إلى عملاء جدد في جميع أنحاء العالم، وبيع منتجاتهم وخدماتهم عبر الإنترنت، كما يمكنهم استخدام أدوات التسويق الرقمي للوصول إلى عملائهم بطرق أكثر فعالية.
التحديات تتمثل في الفجوة الرقمية، فلا يزال أكثر من ملياري شخص في العالم غير متصلين بالإنترنت، مما يُعيق وصولهم إلى المعلومات والخدمات الأساسية، وعدم المساواة الرقمية، فتواجه بعض الفئات، مثل النساء والفتيات والأشخاص ذوي الإعاقة، صعوبات أكبر في الوصول إلى التكنولوجيا واستخدامها، بجانب التهديدات الرقمية، لتُشكل الجرائم الإلكترونية والمعلومات المضللة وسوء استخدام البيانات مخاطر متزايدة على الأفراد والمجتمعات، ونقص المهارات الرقمية، حيث يفتقر العديد من الأشخاص إلى المهارات اللازمة للاستفادة الكاملة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وتتمثل الفرص في الابتكار الرقمي، فيمكن أن تُساهم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إيجاد حلول للتحديات العالمية مثل تغير المناخ والفقر والجوع، والاندماج الرقمي، ويمكن أن تُساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ربط الناس ببعضهم البعض والخدمات الأساسية، وتعزيز التضامن الاجتماعي والاقتصادي، ويمكن أن تُحفز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الابتكار وريادة الأعمال، وخلق فرص عمل جديدة، ويمكن أن تُوفر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فرصًا تعليمية أفضل للجميع، بغض النظر عن الموقع أو الخلفية.
المضي قدمًا بالتعاون الدولي، ويتطلب التصدي للتحديات والاستفادة من الفرص جهدًا دوليًا من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث يُعد الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والمهارات الرقمية ضروريًا لضمان وصول الجميع إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع تطوير سياسات ذكية، وهنا يجب على الحكومات وضع سياسات تُعزز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بشكل مسؤول ومستدام، وضمان إتاحة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة.
يُقدم اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات فرصة للتفكير في كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لبناء مستقبل أفضل للجميع.