
عندما أعلنت وزارة الإعلام عن تعيين ملحقيين إعلاميين بسفارات السودان، وكانت البداية بسفارتي مصر واثيوبيا، كانت القرارات مفاجئة، لعلمي أن غياب الملحقيات الإعلامية كان اعلان للمشكلة الاقتصادية منذ أواخر حكومة الإنقاذ، وحتى الآن، وظني أن الحكومة لم تحس يوما بغيابها، نعم كل الحكومات على تعاقبها تعتبر الإعلام للنشر فقط، ولم يستطع أهل الإعلام طوال هذه السنين أن يقنعوا الحكومات المتعاقبة بأهمية الإعلام، رغم أن كل ما يحدث في السودان، وكل المؤامرات التي تحاك ضده يلعب الإعلام فيها دورا كبيرا وبارزا، وإذا كان الجميع غير معترف بذلك فلكم أن تتابعوا ما يقوم به الإعلام وغرفه قبل واثناء وبعد الحرب الدائرة الآن.
كل القوى الدولية والحكومات العالمية تعترف بأهمية الإعلام الا السودان لان القناعة بالاعلام غير متواصلة أو غير متجذرة لدى قياداته، وفي الحقيقة أرى أن هذا الامر لابد من دراسته وبحثه لنعلم هل المشكلة في الحكومات ام في وزارة الإعلام ام في وزرائها، ولماذا لا تعترف الحكومات بالاعلام ولا تعطيه حقه ومقامه ومكانته؟ والدعوة هنا لطلاب الدراسات العليا للبحث في هذا الموضوع.
سادتي لم يتمكن السودان من أن يكون دولة مؤسسات في أي وقت مضى، لذا فهو دائما ما تتحكم فيه الكاريزما، نعم الكاريزما هي التي تتحكم في العمل والخطط وطرق التنفيذ، فإذا كان للمسؤول شخصية قوية فهو يتمكن من القيام بما هو مطلوب منه وأكثر، وهذا ما تمنينا أن يحدث في وزارة الإعلام بعد أن تم تعيين الاستاذ خالد الاعيسر وزيرا لها، توقعنا ذلك لما قام به من انعاش للاعلام بكل فروعه، بل واستعاد منصب الناطق الرسمى وكان خير ناطق، وفي توقيت كان السودان يحتاج فيه لناطق رسمي بكارزما تعلم أهمية الإعلام وفي هذا التوقيت بالذات، لأن الفراغ فيه يمتلئ بالمعلومات الضارة، ويستغله أصحاب الغرض، والامثلة كثيرة تجدونها بين الحدث وبين صدور بيان رسمي أو تصريح حكومي.
سادتي بعد إعلان مجلس الوزراء إلغاء التعينات الجديدة للملحقين الإعلاميين الأخيرة هاج الوسط الإعلامي وماج، وأخذ الموضوع حيزا كبيرا، وهو فعلا كبير، ولكن يجب أن نأخذ الأمر بزاوية أخرى غير التي يطالب فيها البعض الاعيسر بالاستقالة، الأمر لا يستحق الاستقالة بل يستحق أن يقود استاذ خالد قاطرة الإعلام لتصل لمكانتها الأساسية، ولا يمكن أن يقوم بهذا الدور شخص غيره خاصة في الوقت الراهن، لأن القرار غير شخصي وانما له خلفيات سابقة، ومفاهيم مغلوطة ليس للرجل علاقه بها، وإذا كان هناك خطأ يمكن أن يبدأ الوزير باصلاحه، فما بين إعلان مجلس الوزراء ايقاف التعينات واعلان الوزير لها بطريقته، نحتاج للوقوف عند هذا الخطأ حتى لا يتكرر مع وزراء آخرين، إلى حين تكوين حكومة رسمية غير مكلفه، أما أن يستقيل الوزير فهو بذلك سيفرط في حق الإعلام والإعلاميين، وفي حق السودان في المقام الأول.
سادتي المشكلة تحتاج الترويج والتفكير لأن البلاد يكفيها ما هي فيه ولا تحتاج لجراحات كثيرة.
تنظير اخير
قد يحاول البعض الوقوف معك ويحاول أن بثأر لك، ولكن تذكر دائما أن هناك من الأعداء من يتمنون هذه الاستقالة وينتظرونها بفارغ الصبر، ليشمتوا فيك وفي الحكومة من خلفك.
انت الان رجل دولة، وانت تعلم ما يمكنك فعله، وكيف تتعامل مع مثل هذه المواقف، وتأكد أنها لن تكون الأخيرة، ونثق في مقدرتك على قيادة الإعلام بجدارة.