
_ كانت العرب قديماً تُطلق على العازب لقب “أخو الكلب”، في إشارةٍ إلى الوحدة والشقاء الذي يعيشه العازب.
وكانوا يدعون للمتزوج قائلين: “مُبارك مِنَ القَلب، والعاقبة لكل أخِ الكَلْب”.
ويقول الشاعر: “وليس أخو الكلب ابن كلب وكلبة ولكن أخو الكلب الذي كان أعزباً
ألم ترَ أن العازب يمضي حياته وحيداً، ككلبٍ عافَهُ الناس أجربا.”
وقال آخر: “إذا أنت قاربتَ الثلاثينَ أعزبا فأنتَ وكلبٌ في الفِناءِ سَواءُ.”
اليوم وبعد مرور عامين من بداية الحرب التي شنتها قوات الدعم السريع المتمردة على الدولة السودانية، وعلى جيش وشعب السودان، ها نحنُ وانتم عِشنا ورأينا بأمِ أعيننا مآلات وآحزان وخراب، طال البلاد والعباد، لم تشهده الأمة السودانية منذ تأسيسها عبر كل الحقب التاريخية السابقة،
من عدوٍ كان جزءاً معززاً ومكرماً من أعلى مستوىً رسمي، بل كان هو الأعلى، فله ما يشاء وقتما يشاء، كيفما يشاء!!!
فبنى وفقاً لسلطاته إمبراطوريةً، تكاد تكون الأولى من نسختها التي لم تتسنى لكل من سبقوه، من النخب السياسية والعسكريين، الذين توالوا على حكم هذا الشعب الطيب، البسيط المتواضع، المُسالم..
فهذه الإمبراطورية التي نحكي عنها عزيزي القارئ/عزيزتي القارئة، لم تكن حصيلُ علمٍ سابق، أو كريم إرثٍ لاحق.. بل كانت مثلها وليلة القدر، إن صح التعبير (والله اعلم بها)..
لم تكن تلك الإمتيازات من جبالٍ من ذهب، وسلسلة شركات عابرة للبحار، واموال طائلة، وموانئ ومطارات، مفتوحة في إي وقتٍ وحين، لهُ وامواله وذهبه ونسائه وعشيرته، إيضاً، كيفما يشاء، وقتما يشاء
لم تُكن تلك الإمتيازات وليدةُ دهرٍ وسنى عمرٍ، نعم بل جاءت في لحظةٍ من لحظات الغفلة، التي إعترت أعين من سمحوا لهذا السرطان (الدعم السريع) ومكافأته بالتمدد،
حتى تمرد على أولياء نعمته، من المؤسسات التي رعته، والأرض التي إحتوته، وإنسانها الأعزل الذي لم يكن لهُ في الأمرِ بُدُ..
وأنت يا حميدتي إن كنت تسمعني، أو تقرأني، فحالك مثل ما قال الفيلسوف كفافيس: “أنت، عندما حطمت حياتك في هذه المدينة،، فقد حطمتها في أي مدينةٍ أخرى.. فأصبحت آلان أخاً للكلب، فأصبحت عازباً بعد زواج، وفقيراً بعد غِنى، وتائهاً بعد إستقرار، ومن أعلى مراتب القوم، أصبحت سافلها، لأنك اخترت أذى هذا البلد الطيب، فأذن الله لقدرته وجبروته أن ينتقم منك ومن معك من الأشرار..
تذكر: أنك كنت كل شيء فأصبحت عازباً عن أي شيء..
فإن كنت تسمعني، فأرجو منك، وأنت عازب إلا من شيءٍ واحد
إن كنت تسمعني أن تحافظ على ما تبقى من أرواحٍ لشبابٍ أغررت بهم، أن تأمرهم بالإستسلام، ورفع الراية البيضاء في كل ربوع السودان، وأنا لك من الناصحين، وإن لم تفعل ولن تفعل فآلة الحرب التي إخترتها ستعمل على سحقهم، أينما حلوا..
والله عزيزٌ ذو إنتقام.