الخرطوم تتوشح النصر وتطوي الخيانة والخذلان – وجه الحقيقة – ✍️ إبراهيم شقلاوي

في مثل هذه الأيام من العشرة الأواخر من رمضان 1444 للهجرة ، الخامس عشر من أبريل 2023، سطرت الخرطوم صفحة جديدة من تاريخها، بين الخيانة والانتصار، بين مشروع الفوضى وإرادة الدولة، بين ميليشيا الدعم السريع وحلفائها من الداخل والخارج، وبين الجيش السوداني الذي أعاد تشكيل معادلة القوة بثبات وعزيمة.
بعد محاولتهم العبث بمصير السودان والانقلاب على الدولة، يواجه المتمردون اليوم المصير المحتوم، يتجرعون هزيمة ثقيلة أمام القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى، مدعومة بالمقاومة الشعبية والمستنفرين من أبناء الوطن. الخرطوم ليست مجرد مدينة تستعيد أمنها؛ بل تعلن بوضوح أن السودان عصي على المؤامرات، وأن مشروع الفوضى لن يكتب له النجاح.
فرحة السودانيين اليوم ليست مجرد ابتهاج عابر، بل هي تعبير عن استعادة السيادة بعد عامين من المعاناة، حيث لم يسلم من الميليشيا لا إنسان ولا حجر، لم تراعِ حرمة الطرقات، ولم تستثنِ المسنين ولا الأطفال، ولم تسلم النساء من الانتهاكات، في مشهد أقرب إلى الاجتياح الممنهج لتدمير الدولة. لكن اليوم، يتحقق القصاص، ويدفع المجرمون ثمن غدرهم، فيما تستعد جحافل النازحين للعودة إلى ديارهم مكرمين، لتبدأ مرحلة جديدة من التعافي وإعادة الإعمار.
لن يكون عيد الفطر هذا العام كأي عيدٍ مضى، فهو عيد الأمن بعد الفوضى، وعيد السيادة بعد التمرد، وعيد استعادة الوعي الشعبي بقيمة الاستقرار. الخرطوم التي كانت ترزح تحت سطوة الفوضى والاعتداء على المصالح العامة، تتخلص اليوم من إرث المظاهر المسلحة غير الشرعية، ومن ثقافة الإغلاق والتخريب. إنها عودة العاصمة إلى دورها الطبيعي، كقلب نابض للدولة السودانية، لا ميداناً للفوضى والصراعات.
في ظل الزحف المتواصل للقوات المسلحة، بات واضحًا أن سيناريو الحسم النهائي يقترب. القوات النظامية تواصل تقدمها نحو آخر معاقل المتمردين، حيث تم تأمين مناطق استراتيجية مثل قاعدة النجومي العسكرية و مطار الخرطوم الدولي و مجمع اليرموك الصناعي، الميناء البري، السوق المركزي، وأجزاء واسعة من أحياء الخرطوم وأم درمان وشرق النيل. السيطرة على الكباري بأجمعها بجانب المواقع الحيوية والخدمية، تضع نهاية فعلية لتمدد الميليشيا، فيما ينهار أفرادها في مواجهة قوة الدولة النظامية وارادة شعبها الذي لا تقهره التحديات .
بالتوازي مع العمليات العسكرية، تتكشف حقيقة الانهيار الداخلي للميليشيا، حيث تتوالى الانسحابات العشوائية في مشهد يفضح هشاشة مشروعهم. وبينما يراهن قادتهم على التمسك بالعاصمة، يفر المقاتلون تاركين خلفهم العربات المنهوبة والمواقع العسكرية المستولى عليها.
اليوم، يقدم السودان درسًا بالغ الأهمية في الاستراتيجية العسكرية والسياسية، يؤكد أن الشعوب لا تُحكم بالسلاح، وأن الجيش الوطني يظل صمام الأمان للدولة، مهما اشتدت المؤامرات الداخلية والخارجية.
العالم ينظر بدهشة إلى قدرة القوات المسلحة السودانية على إدارة هذه الحرب، ليس فقط من حيث التفوق القتالي والتكتيكات الحربية ، ولكن في كيفية صياغة معركة وطنية جامعة، أظهرت فيها القوات المسلحة تفوقًا في التخطيط العسكري والإدارة الاستراتيجية، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار السياسي المخزي المؤامرة الاقليمية البائسة.
أما الدرس الأهم، فهو التفاف الشعب حول جيشه، حيث أثبت السودانيون أن الولاء للوطن يتجاوز كل الحسابات الأخرى وانه ضارب في قدم التاريخ حين تدلهم الخطوب وتكثر الابتلاءت.. ياتي النصر وتاتي البشارات ، وأن الدعم الشعبي لم يكن مجرد موقف، بل كان ركيزة أساسية في صمود القوات المسلحة وانتصارها.
اليوم، تتلاشى أوهام “دقلو وإخوته”، وينهار مشروع الفوضى أمام إرادة الدولة والشعب، ليتحول حلم التمرد إلى كابوس يدفع ثمنه قادته قبل أفراده. الخرطوم تستعيد عافيتها، والدولة تستعيد امنها ، بينما يتراجع التمرد إلى مرحلة الزوال.
بحسب #وجه_ الحقيقة فإن السودان يكتب فصلاً جديدًا في تاريخه، عنوانه: لا مكان للخونة او المخذلين الذين تعاونوا ودعموا ، ولا بديل عن الدولة السودانية الباذخة الا الدولة حيث الامن والسلام والطمأنينة .
دمتم بخير وعافية.
الأربعاء 26 مارس 2025 م. Shglawi55@gmail.com