
وقفات، وتدبرات رمضانية.
العام 1446
مقال اليوم الرابع .
عادل عسوم
*الصيام والدعاء.*
معلوم أن ترتيب التلاوة لآي القرآن الكريم (توقيفي) بأمر من نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، كان يقول لكتاب الوحي ضعوا آية كذا في موضع كذا من سورة كذا، وعليه لننظر معا إلى موقع آية فرض الصيام في سورة البقرة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} * {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ….}. يذكر الله تعالى جملة من الأحكام من بعدها، وبعد أن يذكر جل جلاله كمال العدة: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} يقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}،
وبعد ذلك يعود السياق القرآني إلى بيان عدد من أحكام الصيام: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}، إنه أمر يلفت الأنظار ويدفع المتدبر إلى الوقوف عند هذا الذكر للدعاء في ثنايا آيات الصيام!!!
اقرأوا ماذا قال الشيخ الشعرواي رحمه الله في ذلك:
ذكر الدعاء في ثنايا الصيام يشير إلى حظ الصائم الكبير في الإجابة، والعطاء هنا للصائم بأكثر من غيره من الناس.
وقد ورد عن نبينا صلى الله عليه أن الصائم له خصوصية عندما يدعو الله إن كان خلال صيامه أو عند فطره…
ولقد جاء في سبب نزول الآية {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي…} أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت عنه فأنزل الله الآية.
لذلك فإن شهر رمضان هو شهر الدعاء، وكذلك أيما صيام من بعده أو قبله.
كما ذكرت في المقال السابق فإن تخير الحق تعالى الصيام دون العبادات وقوله تعالى فيه: (إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، لعمري تكريم عظيم للصيام ولفت لأنظارنا لكرامة هذا الشهر وفضالته…
وقيل بأن أول من صام هو آدم عليه السلام، وكان ذلك عقب نزوله إلى الأرض وبين يدي قبول الله دعاءه وتوبته، وكأن حكمة الله اقتضت أن يكون أول صوم لأول إنسان وسيلة لشكر الله والتقرب إليه، وأنه عليه السلام كان يصوم الأيام الثلاثة البيض من كل شهر قمرى، ابتداء من الليلة الثالثة عشرة منه حتى نهاية اليوم الخامس عشر.
وصام نوح عليه السلام هذه الأيام البيض، وزاد عليها صيام اليوم الذى نجاه الله فيه من الطوفان (شكراً لله).
وورد عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن داوود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما شكرا لله على آلائه وما وهبه له من إلانة للحديد…
وعندما أهلك الله تعالى فرعون؛ سأل موسى عليه السلام ربه الكتاب، فأمره الله تعالى بصوم ثلاثين يوما وهي أيام شهر ذي القعدة على الأرجح، ثم أمره الله تعالى بأن يزيد عليها عشرة أيام من ذي الحجة، وقيل أمره الله صيام ثلاثين يوما وان يعمل فيها ما يقربه من الله ويدعوه خلالها، ثم انزل الله عليه في العشر التوراة وكلمه فيها.
ماسبق يثبت جليا صلة وعلاقة الدعاء وشكر الله -الوثيقة واللصيقة- بالصيام…
ويحسن بنا تخير الأدعية المأثورة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وما ورد منها في آي القرآن، فهي أدعى للقبول إن شاء الله.
ولعلي أختم بفائدة عظيمة:
أدعو كل من لزمه أمر، ورغب في أداء صلاة ركعتي الحاجة لأجله؛ أن يتنفل بصيام، أما إذا صلاها في رمضان؛ فليبشر بالقبول والاجابة إن شاء الله.
آمنت بالله
وإلى اللقاء إن شاء الله في مقال اليوم التالي بحول الله.