الإعلام والعشوائيات: من انتصار الذات إلى خطاب الكراهية واستقرار السودان ✍️ طه هارون حامد

تجلى في المجتمعات العربية العديد من التحديات التي ترتبط بتأثير الإعلام، قضايا العشوائيات، وانتشار خطاب الكراهية. حيث يواجه المجتمع تحديات معقدة في التصدي لهذه القضايا وكيفية معالجتها بطريقة تضمن استقراراً اجتماعياً واقتصادياً، سواء على مستوى الأفراد أو الدول. و، من المهم أن نفهم دور الإعلام في بناء هذه المعايير السلبية وكيفية تصحيح المسار من خلال سياسات فعالة وطرق مبتكرة لمعالجة القضايا الكبرى مثل العشوائيات وتفتيت الكيانات والاسر وتهديدات د الناتجة عن خطاب الكراهية.
الإعلام والعشوائيات:
العشوائيات تمثل أحد أبرز المشاكل الحضرية التي تؤثر على نوعية الحياة في العديد من البلدان . وتلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في تشكيل التصورات العامة عن هذه المشكلة، حيث يمكن أن يساهم الإعلام في تسليط الضوء على معاناة سكان العشوائيات وتحديد الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة. لكن في بعض الحالات، قد يعمد الإعلام إلى تغطية تلك القضايا بشكل انتقائي، ما يؤدي إلى تصورات مغلوطة تؤثر على الوعي المجتمعي في التصدي الفعلي لهذه المشاكل.
قد يتم تصوير سكان العشوائيات بشكل سلبي أو يتم التقليل من الجهود المبذولة في تحسين أوضاعهم، مما يعزز مشاعر اليأس وفقدان الثقة بين المواطنين. لذلك، ينبغي على الإعلام أن يتحمل مسؤولية التوعية بقضايا العشوائيات وتقديم حلول واقعية ومستدامة لتحسين بيئة الحياة للمواطنين في هذه المناطق وكيفية محاربة هذة الظواهر
انتصار الذات وانتشار خطاب الكراهية:
في سياق تأثير الإعلام، يبدو أن ظاهرة “انتصار الذات” و”التمركز حول الأنا” قد أصبحت شائعة في بعض وسائل الإعلام، حيث يسعى البعض إلى تعزيز صورة الفرد أو الجماعة على حساب الآخر. هذا يمكن أن يتسبب في زيادة التعصب والتنمر والتمييز في المجتمعات، وبالتالي يؤدي إلى انتشار خطاب الكراهية.
يتجلى هذا في العديد من الدول العربية حيث يتم استخدام الإعلام لتصعيد الخلافات الاجتماعية والسياسية، مما يهدد استقرار المجتمعات ويزيد من التوترات الداخلية. عندما يكون الإعلام أداة لتكريس الانقسامات وتفشي الكراهية، فإن هذا يؤثر بشكل كبير على الأفراد والمجتمع ككل، ويزيد من الصراعات الدينية والعرقية والسياسية والمناطقية
كيفية معالجة الانتهاكات:
لمعالجة الانتهاكات الناتجة عن الإعلام، من الضروري اتباع نهج شامل يعتمد على عدة استراتيجيات:
التوعية والتثقيف الإعلامي: يجب على وسائل الإعلام أن تتبنى رسائل تهدف إلى تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل. من خلال البرامج التعليمية والندوات المجتمعية، يمكن تقديم محتوى يعزز من القيم الإنسانية المشتركة مثل العدالة والمساواة والحقوق والواجبات وحق التعليم والتنقل وغيرها
تشجيع الإعلام المسؤول: من المهم أن يتم تأسيس معايير أخلاقية واضحة لعمل الصحفيين والإعلاميين، بحيث يمكن أن يكون للإعلام دور إيجابي في نشر الحقيقة ومواجهة خطاب الكراهية.
تعزيز القوانين والتشريعات:
من الضروري تطوير قوانين تنظم العمل الإعلامي وتحد من استغلاله لخطاب الكراهية أو التحريض على العنف. هذه القوانين يجب أن تكون عادلة وتحترم حرية التعبير في نفس الوقت.
التعاون مع منظمات المجتمع المدني:
يمكن أن تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا فاعلًا في مراقبة الإعلام ومحاسبته على أي انتهاكات، بالإضافة إلى تقديم الدعم للأشخاص المتأثرين بخطاب الكراهية أو الذين يعانون من آثار العشوائيات.
استقرار السودان:
على مستوى الدول، تتطلب معالجة قضايا العشوائيات والخطاب السلبي استراتيجية متكاملة، تضمن الأمن والاستقرار في المجتمعات. وفي سياق “السودان”، يشمل ذلك العمل على تحسين البنية التحتية، توفير خدمات اجتماعية جيدة، وتفعيل دور الإعلام في تعزيز مفاهيم المواطنة الصالحة.
لا تقتصر المعالجة على الجوانب القانونية والإعلامية فقط، بل يجب أيضًا إيلاء اهتمام خاص بالجانب التنموي، من خلال تنفيذ مشروعات تهدف إلى تحسين أوضاع العشوائيات وتوفير فرص العمل والتعليم للشباب، بهدف تمكينهم من بناء مستقبل أفضل.
في النهاية:
إن الإعلام، في جميع أشكاله، يعد أداة قوية في تشكيل الرأي العام. ولذلك، من الضروري أن يتحمل الإعلام مسؤولية معالجته بشكل فعّال لقضايا العشوائيات وانتشار خطاب الكراهية، ويسهم في بناء مجتمع يسوده السلام والاستقرار. لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تتعاون الحكومة، الإعلام، والمجتمع المدني لتقديم حلول عملية ومستدامة تعزز من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في جميع أنحاء السودان.