
تتسم المجتمعات بأنماط اقتصادية محددة معتمدة في ذلك على المنتج الأساسي الذي تنتجه تلك المجتمعات سواء أن كانت زراعية أو حيوانية، وهذا بدون فلسفة أو تنظير ما كان يحدث في كل المناطق في السودان، ومثال لذلك المناطق والواقعة في غرب السودان فالسكان هناك يعتمدون في غذائهم وملبسهم على المنتجات الحيوانية من لحوم والبان ومشتقاتها فهم يعتمدون العصيدة أو الكسرة مع كل أنواع الأطعمة المطبوخه والتي عمادها اللبن واللحم ثم يمكن أن تقدم كشراب بالسكر أو تحلية مثل (ام جنقر).. وأهل الشمال يعتمدون في غذائهم على القمح ويصنعون منه القراصة التي يأكلون بها كل انواع الطبخ وهم أيضا يأكلونها بالسكر أو التمر أو ترقق ليتم تناولها باللبن، كما أنهم يتعاملون مع الأسماك التي يصطادونها من النيل بطرق مختلفة.. أما أهل الوسط فهم يأكلون الذرة ويطهونها كعصيدة أو كسرة (رهيفة) كما انهم يشربونها (نشاء) بالسكر.. وهكذا تمضي الحياة في كل السودان، كل منطقة تعيش على منتجاتها وبالطبع المدن الكبيرة تضم كل تلك الأنماط من الطعام.. وفجأة تسلل القمح الأجنبي ودخل السودان معركة حرب القمح، وأصبح الجميع يعتمدون على القمح المستورد، والرغيف أو العيش أصبح المستهلك الاول وانتشرت الافران.. اقصد الاسماء القديمة والتي طورت نفسها لاحقا فأصبحنا نسميه الخبز وأصبح اسم الفرن المخبز وتضاف له كلمة آلي أو بلدي والغريب أن غالبية ما يسمى بالبلدية قمحه مستورد أيضا وأصبحت الحكومات تدعم القمح المستورد من امريكا او اوكرانيا بمعنى أنها تدعم المزارع الأجنبي بدلا من دعم المزارع السوداني لزيادة الإنتاج أو تحسين المنتج حتى أصبح سعر (العيشة) ارخص من (طرقة) الكسرة، وحتى الأسر التي كانت (تعوس) الكسرة وتبيعها لتحسين دخلها أصبحت تقوم ببيع البيتزا والمعجنات وبسكويت المكنة.. اي بمعنى أننا نعتمد على منتج مستورد وتصرف عليه الدولة ملايين الدولارات، وكان من الممكن الاعتماد على منتجاتنا المحلية وتوجيه الصرف نحو الصحة والتعليم..
نأتي لسيد الاسم وهو الشاي الكيني الذي أوقفت الحكومة استيراده من الدولة التي تحتضن المعارضة وكيانها الذي يعمل على إعلان حكومة موازية وبالطبع تخوف بعض مدمني الشاي من حدوث فجوة في السوق، أو ان تحدث ندرة في الشاي.. وأعتقد أن الدولة قادرة على استيراده من دول أخري ولكن يبقى السؤال هل نحن ننتج الشاي حتى نعتمد عليه طوال اليوم لماذا لا نتركه طالما أننا لا نزرعه.
سادتي حتى لا يكون السودان وشعبه ملكا للغير يسهل التأثير عليهم لابد من تغيير النمط الاقتصادي للجميع والاعتماد على ما نزرعه أو نتجه.. وهذا ما يسمى بتغيير النمط الاقتصادي.