مقالات الرأي
أخر الأخبار

ياسر محمد محمود يكتب : متـلازمة ألـم النـزوح .. حنيـن آمنـة لود النـورة

*فى طريقي الى ولاية شمال كردفان ملتحقا بمتحرك الصياد أخذت قسط من الراحة بمدينة كوستى فى نُزْل بحى الأندلس وما لفت إنتباهى وجود أطفال فى مقتبل العمر قام والدهم بإكرامنا فتجاذبت أطراف الحديث مع أكبرهم سنا آمنة بت أحمد محمد صاحبة الثمانى سنوات وأول ما لفت إنتباهى أنها قالت لإخوانها أنا بحب الجيش شديد وكان معظم مرافقى يرتدون الزى العسكرى فقلت لها ليه بتحبى الجيش يا آمنة قالت لى نحنا ناس الدعم السريع قتلوا أهلى فى ود النورة ونحنا نزحنا من ود النورة الى قرية عراق والمناقل وبعدها حضرنا الى كوستى أنا شفت الناس الميتين فى ود النورة وشفت المصابين نحنا مشينا بأرجلنا وخلينا أى حاجة وركزت على أى حاجة خلينا بيتنا وعفشنا وخلينا صاحباتى فى المدرسة كل ما أعرفه بعد الناس رجعوا من المقابر سمعت أبوى قال دفنا ١١٤ شهيد وقال لأمى لو قعدنا للصباح نحنا زادتنا بقتلونا أحسن نطلع من ود النورة عشان نحمى أولادنا ديل*.

 

*آمنة تحدثت معى ببساطة لكن حديثها يدمى القلب ويقطع نياطه حديثها حديث طفلة عايشت تراجيديا مجزرة ود النورة بكامل تفاصليها رأت بأم عينيها كيف حصد الرصاص أرواح أهلها وكيف تعامل أوباش مليشيا الدعم السريع مع أهالى ود النورة العزل ود النورة التى شهدت أبشع المجازر بولاية الجزيرة وعلى مستوى محاور العمليات القتالية وشهدت فظائع ومعاناة وآلام وأوجاع أكثر من مائة واربعة عشر شهدا صعدت أرواحهم الطاهرة لبارئها وسقطت أجسادهم فى ثرى ود النورة*.

 

*واهم من ظن أن تراجيديا قرية ود النورة قد إنتهت بنهاية الهجوم الذى إستمر أربعة ساعات ونصف يوم ٤ / ٦ / ٢٠٢٤ وحصد هذه الأرواح لكن ماسأة ود النورة ما زالت غصة فى حلوق أهلها النازحين الموزعين بين الولايات والذين خرجوا فى رحلة نحو المجهول ما زالت أحداث ود النورة تقرأ سطورها فى عيونات أمنة بت أحمد ود محمد والتى تحتفظ ذاكرتها بصورة قيمئة وبشعة من ممارسات الدعم السريع فى هذه البقعة التى يعرف أهلها الطير والشجر والأعاصير والزهور يزرعون ويحصدون ويهتمون بأرضهم ويحمون عرضهم حتى حلت بهم هذه الكارثة الفاجعة المفجعة سيكون لهذه الحادثة آثارها السالبة على حياة أجيال وستسجل هذه التراجيديا فى تاريخ السودان مثلها مثل أحداث عنبر جودة بالنيل الأبيض وأحداث ود نوباوى والجزيرة أبا وبيت الضيافة ويبقى العشم أن يعود أهالى ود النورة الى بيوتهم بعد أن ذاقوا مر العذاب وذاقوا وجع النزوح واللجؤ*.

 

*لقد أبكتنى آمنة وأنا أرى فيها ملامح طفلتى حليمة فى ذات عمرها آمنة حملتنى أشواقها لصويحباتها بالمدرسة والتى فارقتهن عشية يوم ٤ / ٦ / ٢٠٢٣ وهن فاطمة سيد جبريل ومواهب النور ود البشير رتاج رماز عبدالرحمن وقالت لى سنعود الى ود النورة بعد تحرير جبل أولياء ما زالت آمنة تزرع بذور الأمل بالعودة الى ود النورة حتما ستعودى يا آمنة وستلتقى صويحباتك وستعود لود النورة ملامحها وإبتسامتها وستعودين الى فصلك الدراسى وستلتقيين صاحباتك فاطمة ورتاج ورماز*.

 

*يا آمنة حقكم علينا أن ندحر المليشيا وحقكم علينا أن نمسح دميعاتك ونحولها الى إبتسامة فى وش الزمان الشين وحقك علينا أن نحول آهاتك الى ضحكة ومن حقك يا آمنة أن تحبى الجيش حتى الثمالة ومن حق الجيش أن يسترد لكم حقوقك كاملة غير منقوصة لقد ألمنى وجعك يا آمنة ومن أجل عيوناتك سنخوض الصعاب مع متحرك الصياد لنلحق آخرين وأخريات فى إنتظار الجيش*.

 

 

[email protected]

ياسر كمال

مدير عام شبكة زول نت العالمية ومدير عام منظومة كونا التقنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام