مقالات الرأي
أخر الأخبار

انقسام ( تقدم ) بين بورتسودان والضعين أزمة مشروع أم إعادة تشكل؟ – في العمق – ✍️ هشام محمود سليمان 

يبدو أن السياسة السودانية لا تزال تواصل دوراتها التقليدية في الانقسامات وإعادة التشكل وفق متغيرات الداخل والخارج وهو ما يتجلى في الانقسام الأخير داخل تنسيقية ( تقدم ) حيث تشكلت مجموعتان متباعدتان جغرافيا وفكريا الأولى اجتمعت في بورتسودان والثانية في الضعين هذا التباعد لا يعكس فقط الانقسام التنظيمي بل يشير إلى تباين في الرؤى والتوجهات داخل الجسم السياسي الذي نشأ لمحاولة توحيد قوى الثورة والمقاومة المدنية

خارطة المجموعتين من في بورتسودان ومن في الضعين؟

أ . مجموعة بورتسودان

ضمت شخصيات بارزة مثل حمدوك بكري الجاك الواثق البرير سلك بابكر فيصل جعفر حسن صديق المهدي مريم المهدي عمر الدقير محمد الفكي ووجدي صالح هذه الأسماء ترتبط بتيار مدني إصلاحي ذي طابع سياسي تقليدي حيث يبرز وجود رموز ( الحرية والتغيير ) الأصلية مع شخصيات لعبت دورا في المرحلة الانتقالية التي سبقت الانقلاب العسكري

ب . مجموعة الضعين

جمعت أسماء مثل حجر الهادي إدريس أسامة سعيد إبراهيم الميرغني النور حمد القراي حنان حسن برمة ناصر التعايشي نصر الدين عبد الباري طه إسحاق صلاح مناع رشا عوض علاء الدين نقد حافظ عبد النبي وصندل هذا التكتل يمزج بين شخصيات تنتمي إلى حركات مسلحة، مفكرين وناشطين سياسيين ما يوحي بتوجه مختلف عن مجموعة بورتسودان وربما رؤية أكثر ارتباطا بقضايا الهوامش والأطراف

بين المركز والهامش التنافس على الشرعية:-

اللافت في هذا الانقسام هو البعد الجغرافي حيث تمثل بورتسودان المركز الإداري الحالي في ظل الحرب بينما تمثل الضعين امتدادا للمناطق التي لها ثقل في النزاعات المسلحة وقضايا التهميش التاريخي هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كان الانقسام يعكس صراعا بين تيار مدني أكثر انفتاحا على التفاوض مع المؤسسة العسكرية (مجموعة بورتسودان) وبين تيار يسعى إلى إعادة صياغة المعادلة السياسية من منطلقات الهوية والهامش (مجموعة الضعين)

كما أن طبيعة الشخصيات في كل مجموعة تعكس اختلافا في أولويات الأجندة السياسية ففي بورتسودان نجد شخصيات ذات توجه إصلاحي مؤسساتي في حين أن مجموعة الضعين تبدو أكثر انخراطا في ملفات العدالة الانتقالية وقضايا السلام وهو ما قد يؤدي إلى تصادم في الرؤى حول طريقة التعامل مع الواقع السوداني الراهن

ما الذي يعنيه هذا الانقسام لمستقبل ( تقدم ) ؟ :-

بغض النظر عن الأسباب المباشرة التي أدت إلى هذا التشظي فإن تداعياته ستكون كبيرة على مستقبل القوى المدنية في السودان فمن ناحية قد يؤدي إلى إضعاف أي جهد مشترك لمواجهة تمدد السلطة العسكرية وإعادة ترتيب المرحلة الانتقالية ومن ناحية أخرى قد يعكس طبيعة الأزمة التي تواجه القوى المدنية منذ بداية الثورة وهي غياب المشروع السياسي الموحد الذي يمكن أن يجمع كافة التيارات تحت رؤية استراتيجية واضحة

إن السؤال الأهم الآن هو:-

هل يمكن إعادة لم شمل ( تقدم ) في إطار جديد أم أن هذا الانقسام سيمهد الطريق لمزيد من التشظي داخل القوى المدنية؟ وفي ظل استمرار الحرب والتعقيدات الإقليمية والدولية هل يستطيع أي من التكتلين فرض نفسه كواجهة سياسية قادرة على إحداث تغيير حقيقي؟

ما يحدث اليوم قد يكون جزءا من إعادة تشكل المشهد السياسي السوداني لكنه أيضا مؤشر على التحديات العميقة التي تواجه أي مشروع مدني في بلد لم يستطع بعد تجاوز أزماته البنيوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام