مقالات الرأي
أخر الأخبار

خالد سلك الوجه المتقلب للانتهازية السياسية – في العمق – ✍️ هشام محمود سليمان

من الصعب أن تجد في المشهد السياسي السوداني شخصية تنافس خالد عمر يوسف الشهير ( بـ خالد سلك ) في القدرة على التلون وتغيير المواقف بسرعة مذهلة فهو لا يتردد في القفز من ضفة إلى أخرى وفق ما تقتضيه مصلحته غير مكترث بأي انسجام منطقي بين ما يقوله اليوم وما كان يصرح به بالأمس في كل محطة سياسية ينجح سلك في إعادة تقديم نفسه من جديد متناسيا مواقفه السابقة وكأن الذاكرة الجمعية للسودانيين قصيرة إلى الحد الذي يجعله يفلت دائما من المساءلة والمحاسبة الأخلاقية

من الثورة إلى التفاوض ثم العودة إلى السلطة:-

حين اندلعت ثورة ديسمبر كان خالد سلك من أشد المتمسكين بشعاراتها يتحدث عن مبادئ الديمقراطية والمدنية ويرفض أي شراكة مع العسكريين لكنه سرعان ما أصبح جزءا من حكومة ما بعد الثورة مبررا شراكته مع المكون العسكري بحجة ( الضرورة السياسية ) متناسيا كل خطابه السابق عن رفض أي تحالف مع العسكر وعندما أطاح الجيش بالحكومة الانتقالية انقلب سلك على شراكته القديمة وعاد إلى موقع المعارض الشرس وكأن يديه لم تتلطخ بتقديم الغطاء السياسي ذاته للعسكر قبل ذلك

وبعد أن أصبح في صف المعارضة مجددا ظل يهاجم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بضراوة محملا إياه كل الكوارث التي حلت بالبلاد دون أن يعترف بمسؤوليته هو وحزبه عن الفشل السياسي الذي أدى إلى انهيار المرحلة الانتقالية ثم فجأة بعد خطاب البرهان الأخير تغيرت لهجته وبدأ يتحدث بنبرة أقل عدائية بل وكأنه يمهد الطريق لجولة جديدة من التقارب مع الجيش في مشهد يثير السخرية والاشمئزاز في آنٍ واحد

المصلحة فوق المبادئ خالد سلك نموذجا:-

ما يفعله خالد سلك ليس مجرد مراجعة سياسية بل هو انتهازية مكشوفة فالمراجعة الحقيقية تتطلب الاعتراف بالأخطاء وتحمل المسؤولية عنها أما ما يفعله فهو مجرد إعادة تموضع بحثا عن فرصة جديدة للبقاء في المشهد

لقد أصبح واضحا أن سلك لا يملك موقفا مبدئيا بل يتحدث بلغة من يعتقد أن السياسة مجرد لعبة للكسب الشخصي وليس مسؤولية وطنية فتارة يتحدث عن ضرورة إسقاط العسكر ثم سرعان ما يعود لمهادنتهم وتارة يدعو إلى التحالفات ثم ينقلب عليها

وكأن المبادئ لديه ليست

سوى شعارات مؤقتة يرددها حين تناسبه ثم يتجاهلها متى ما اقتضت مصلحته ذلك

لماذا يجب الحذر من خالد سلك وأمثاله؟

خالد سلك ليس مجرد سياسي متقلب بل هو نموذج لظاهرة سياسية مدمرة في السودان سياسيون بلا ثوابت يغيرون مواقفهم وفق المصالح ثم يحاولون تسويق ذلك على أنه ( مرونة سياسية ) هؤلاء هم الذين أوصلوا البلاد إلى حالة الفوضى الحالية لأنهم لا يتعاملون مع السياسة باعتبارها مسؤولية وطنية بل كوسيلة لتحقيق أهدافهم الشخصية حتى ولو كان ذلك على حساب استقرار السودان ومستقبل شعبه

لقد آن الأوان لأن يدرك السودانيون أن مثل هذه الشخصيات ليست جزءا من الحل بل هي جزء أساسي من المشكلة فالسودان يحتاج إلى قيادات تمتلك الشجاعة للثبات على مواقفها لا إلى سياسيين يمارسون الانحناء عند كل منعطف ثم يعيدون تسويق أنفسهم بلغة جديدة كلما تغيرت الظروف وما لم يتم التخلص من هذه العقلية الانتهازية في العمل السياسي فإن السودان سيظل يدور في نفس الدوامة بلا أفق للخروج من أزماته المتلاحقة

ياسر كمال

مدير عام شبكة زول نت العالمية ومدير عام منظومة كونا التقنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام