مقالات الرأي
أخر الأخبار

السودان على مفترق طرق: تحليل لتوجيهات المرحلة القادمة – شئ للوطن – ✍️ م.صلاح غريبة

يشهد السودان مرحلة مفصلية في تاريخه، حيث تتشابك الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتتصارع القوى المختلفة على السلطة والنفوذ. وفي هذا السياق، تأتي تصريحات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لتلقي الضوء على رؤية المرحلة القادمة، وما تحمله من تحديات وفرص.

يمكن تلخيص أبرز التوجهات التي أشارت إليها تصريحات البرهان في التأكيد على مدنية الدولة، فيشدد البرهان على ضرورة تشكيل حكومة مدنية من وزراء تكنوقراط مستقلين، يتم اختيارهم بالتوافق بين القوى السياسية والاجتماعية. هذا التوجه يعكس رغبة في تجاوز حالة الانسداد السياسي التي تشهدها البلاد، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب السوداني، بجانب رفض التصنيف السياسي والجهوي للكتائب المقاتلة، ويؤكد على ضرورة وضع السلاح والانخراط في العملية السياسية. هذا التوجه يهدف إلى توحيد القوى العسكرية تحت مظلة الدولة، ومنع أي محاولات لتقسيم الجيش أو إضعافه، بخصوص الحوار مع القوى السياسية والاجتماعية، فيعرب البرهان عن تقديره للرؤى التي قدمتها القوى السياسية والاجتماعية لإدارة شؤون البلاد، ويؤكد على أن هذه الرؤى ستكون محل اعتبار عند تشكيل الحكومة الجديدة. هذا التوجه يعكس رغبة في بناء توافق وطني حول المرحلة القادمة، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، ويشدد البرهان على أنه لا تفاوض مع التمرد إلا إذا كان الهدف هو وضع السلاح. هذا التوجه يعكس تصميمًا على استعادة الأمن والاستقرار في البلاد، وإنهاء حالة الفوضى والعنف التي تسببت بها المليشيات المتمردة. ويرفض البرهان وقف إطلاق النار في رمضان، ويشترط لفك الحصار عن المواطنين في الفاشر وبابنوسة وكل المناطق المحاصرة. هذا التوجه يعكس إصرارًا على إنهاء معاناة المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

تواجه هذه التوجهات تحديات كبيرة، من بينها الانقسام السياسي، فلا يزال السودان يعاني من انقسام سياسي عميق بين القوى المختلفة، وهو ما قد يعيق تشكيل حكومة مدنية توافقية، ويواجه السودان تدخلات خارجية من قوى إقليمية ودولية، تسعى لفرض أجندتها الخاصة على حساب مصلحة الشعب السوداني، كما ان السودان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، تفاقمت بسبب الحرب والنزاعات الداخلية، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، ولا يزال الوضع الأمني في السودان هشًا، بسبب انتشار السلاح والجماعات المسلحة، وهو ما يتطلب جهودًا كبيرة لنزع السلاح وإعادة الأمن والاستقرار.

على الرغم من هذه التحديات، إلا أن هناك فرصًا لتحقيق الاستقرار والازدهار في السودان، من بينها الإرادة الشعبية، فهناك إرادة شعبية قوية للتغيير والإصلاح، وهو ما يمكن أن يشكل دافعًا قويًا للقوى السياسية للتوحد والعمل معًا لتحقيق تطلعات الشعب، ويزخر السودان بموارد طبيعية غنية، يمكن أن تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويحظى السودان بدعم من المجتمع الدولي، وهو ما يمكن أن يساعد في تجاوز الأزمة الاقتصادية والأمنية.

إن المرحلة القادمة في السودان ستكون حاسمة، حيث ستحدد مصير البلاد ومستقبل شعبها. فتحقيق الاستقرار والازدهار يتطلب تضافر جهود جميع القوى السياسية والاجتماعية، والعمل بروح وطنية صادقة من أجل تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام