أشد ما يتم ممارسته على الجنود المقاتلين في الحروب هو تغييبهم تماماً عما يدور في محاور القتال الأخرى حولهم ، فيكون – بذلك – كل محور جزيرة معزولة تماما عن المحاور الأخرى ، فلا تُنقل إليهم من أخبار محاور القتال الأخرى إلا ما سيرفع من معنوياتهم من أخبار كالتقدم أو الانتصار او وصول إمداد أو أخباراً من هذا القبيل ..
وأشد من هذا التغييب هو أن يتم تزويدهم بمعلومات غير حقيقية ومعكوسة ، فتنقل إليهم هزائم قواتهم في المحاور الأخرى انتصاراً وتقدماً ، فيكون ثمار هذا التغييب المتعمد هو بقاء المحور الى أن تفاجئهم القوات المهاجمة .
فهذه الاخيرة هي الحاصلة تماماً مع ما تبقى من قوات التمرد في مواقعهم الباقية والمعزولة في الخرطوم الآن ..
إلا فكيف نفهم أن تنتظر قوات التمرد الموجودة في جزيرة توتي مثلاً ، او نفهم انتظار قناص فرد أو أفراد في السوق العربي مثلاً ، أو حتى القوة للموجودة في القصر الجمهوري – كيف يبقون – وقد استلم الجيش كل المناطق حولهم وزحف إليهم من جميع الاتجاهات الرئيسية والفرعية ، إلا أن يكونوا مغيبين تماماً عما يحصل ويدور حولهم في المحاور ، أو يكونوا تحت ” نأثير تغييب ما ” يعكس لهم بأن ما يسمعونه من أصوات مدافع وقذائف إنما هي اصوات عمليات قواتهم وهي تستلم القيادة وتحاصر المدرعات وتتقدم إلى المهندسين !.
نعم ، غير هذا لا يوجد تفسير .
قفوا ، سيرد في أذهان البعض أن هذا البقاء إنما هو صمود وفداء وثبات ، أو ستجد من يحب ان يفسر بهكذا تفسير ، كلا .
فالتضحية والثبات والفداء – إذا حصل – إنما يحصل عند الجميع ، وفي جميع المحاور .. كما يحصل من ثبات في الفاشر الآن وما حصل في المدرعات والإشارة والمهندسين والقيادة .. أما الذي يحصل لديْ قوات التمرد هو العكس تماما ودائماً ، فما أن تصل طلائع القوات المسلحة الى موقع ما من مواقعهم وإلا وتجدهم قد فروا ” معردين ” ، فيدخل الجيش الموقع بالمشاة فقط وهم في وضع التمشيط وليس في وضع القتال والمواجهة الميدانية بالأسلحة الثقيلة ، ودونكم جميع حالات دخول الجيش لأي مدينة أو موقع كأمثلة وشواهد .
فمن ينبئ هؤلاء الباقين – المغيبين المساكين – ويخبرهم بالحاصل حولهم ليحقنوا دماءهم ، و ” بالقانون ” ؟ .
وسورتود يحييكم ،،،،،