من البديهيات في الحروب أن تنكر الجيوش أخبار مقتل قادتها الميدانيين الكبار ، وأن حصل القتل وأصبح لا مفر من إعلانه فيتباطؤون في إعلانه ولا ” يعجلون” ، هذا ما يحدث في الحروب في العالم وفي التاريخ ، ولدينا في السودان ما يكفي من الأمثلة لذلك ، وبالتأكيد زاحم أذهانكم مثال ” فخمٌ ” الآن لا أريد فتحه خشية الإطالة !.
تفعل الجيوش في أخبار مقتل قادتها الكبار هكذا لأن الإعتراف بمقتلهم – والمعارك مازالت قائمة – يؤثر سلباً على معنويات الجنود المقاتلين وجماهيرها المؤيدة . هذا هو المتبع لدي الجيوش والمتوقع .
ولكن أن يستيقظ الناس من ليلتهم ليجدوا ” سبقاً صحفياً ” للناطق الرسمي للتمرد يفاجئ فيه الناس ب “خبر عاجل” : ينعي فيه قائدهم الهمام جلحة بأنه قد ” استشهد ” الليلة !!!.
فهذا غريب !.
هذا أغرب ” خبر عاجل ” مر بنا على كثرة ما تمر بنا من الأخبار العاجلة ، واعترف بأن قاموسي لم يسعفني – الآن وأنا في عجالة – بجملة ترضيني أعلى سقفاً من ” فهذا غريب ” ! .
وسيُخرِج هذا الإعلان الغريب أكثر الناس براءة ونقاءً من نقائهم وبراءتهم المريحة ويضطرهم إلى الدخول في أتون الظن العريض ، فإذا كان في البريئين والأنقياء سيكون فعله هكذا فكيف في مردة أصحاب ” نظريات المؤامرة ” وما أكثرهم !.
فالتمرد – بهذه السابقة – قد أعذرنا وأعذر الجميع بلسان حال : ظنوا فيَّ الظنون كما تشاؤون من الظنون ، واتهموني بما تريدون من التهم فأنتم معذورون !.
لأختم بسؤالٌ محير أتركه – هنا – مفتوحاً :
تروْن ، لماذا تعجل التمرد بالإعلان – استباقاً – عن مقتل قائدهم ” جلحة ” ؟ .
إنما هو سؤال فحسب ولا أبتليكم بِرد !.
فمن سكتَ سَلِمَ .
🍇 عبدالرحمن سورتود