مقالات الرأي
أخر الأخبار

زيارة الجنود لقبور الشهداء حين يصبح الوفاء درسا للأمة ✍️ هشام محمود سليمان 

في اللحظات الحاسمة التي تعاد فيها كتابة تاريخ الأوطان تتحول بعض الأفعال إلى رموز خالدة تحمل دلالات أعمق من ظاهرها كان أول ما فعله الجنود حين دخلوا القصر هو زيارة قبور الشهداء الخمسه والثلاثون الذين صدوا الهجوم الأول علي قصر الضيافه وحموا القائد العام بدمائهم  وكأنهم يعلنون أن البداية الحقيقية لا تأتي من اعتلاء العروش بل من الانحناء أمام تضحيات من عبدوا الطريق بدمائهم الطاهرة

لم تكن هذه القبور مجرد أماكن صامتة تحتضن رفات الشهداء بل هي مآذن شاهقة تصدح بآيات الشجاعة والوفاء كل قبر منها يحمل قصة كفاح وأمل وحلم بوطن ينهض من بين ركام الظلم والاستبداد الشهداء الخمسه والثلاثون لم يكونوا مجرد ضحايا بل كانوا طليعة المجد وأيقونات المقاومة وأرواحهم ظلت مشتعلة كالنار المقدسة التي تنير دروب الحرية أن يتوجه الجنود أولا إلى القبور دون أن يغريهم لمعان القصر أو بريق السلطة هو فعل ذو مغزى عميق إنه رسالة لا تحتاج إلى كلمات لن ننسى من سبقونا ولن نخذل من منحوا حياتهم من أجلنا في تلك اللحظة لم يكونوا مجرد جنود يحملون سلاحا بل كانوا أمناء على ذاكرة وطن شهودا على ثمن باهظ دفعه أبناؤه في سبيل كرامته

هذه الزيارة لم تكن طقوسا رسمية أو واجبا تقليديا بل كانت عهدا جديدا يكتب مع أولئك الذين غابوا عن الحياة لكنهم لم يغيبوا عن الضمائر وقوف الجنود أمام القبور في صمت يختلط فيه الحزن بالفخر أشبه بمن يقف أمام مرآة التاريخ يراجع فيها ماضي الأمة ويعدها ألا يكرر الأخطاء أو يفرط في التضحيات

قبور الشهداء ليست مجرد حجارة صامتة بل هي نصوص مفتوحة لمن يريد أن يتعلم إنها تروي للأجيال أن الكرامة ثمنها غال وأن بناء الأوطان ليس طريقا مفروشا بالورود بل هو طريق معبد بالتضحيات هذه القبور تذكرنا أن الوفاء للشهداء ليس بالكلمات الرنانة بل بحمل راياتهم والمضي على خطاهم

المشهد يحمل رسالة أخرى للأمة بأسرها  ( أيها الناس هذه القبور هي أمانة في أعناقكم فهل أنتم على قدرها ) ؟ هل صنعتم من تضحية الشهداء حياة أفضل؟

إنه سؤال لا يخص الجنود وحدهم بل يخص كل من يحمل اسم هذا الوطن

زيارة الجنود لقبور الشهداء ليست مجرد فعل رمزي بل درس عميق يتردد صداه عبر الزمن إنه تذكير بأن القوة الحقيقية لا تأتي من السلطة بل من الوفاء لمن جعلوا هذه اللحظة ممكنة وفي تلك الزيارة كتب الجنود فصلا جديدا من فصول التاريخ فصلا يبدأ بالانحناء احتراما لدماء الشهداء ويستمر بالسير على دربهم حتى يتحقق الحلم الذي من أجله رحلوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى


انضم الى لقناة (زول نت) تلقرام