عذراً دنقلا، فإن المليشيا جبانة .. و لن تكسر عزيمتنا – همس الحروف – ✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
(دنقلا) عنوان للصمود الوطني و التحدي ، و هي القلعة الحصينة التي تتجسد فيها قوة الشعب السوداني ، و إرادته التي لا تلين أو تنكسر ، فهي مدينة لها تاريخ حافل بالأحداث منذ نشأتها النوبية القديمة ، و تحمل في طياتها إرثاً عظيماً من التنوع الثقافي و الاجتماعي ، مما جعلها رمزاً من رموز التعايش السلمي بين جميع مكوناتها على إختلافهم ، و نجد من أبرز مميزات دنقلا هي قدرتها الفائقة على الإحتفاظ بتوازنها الإجتماعي الفريد ، و هي تواصل دورها كمركز نموذجي للترابط الأخوي ، فظلت الوحدة و التعاون بين الجميع هي العنوان الرئيسي لها ، و ما زالا يشكلان السمة البارزة فيها ، و نجد أن مجتمعها لا يعرف التفرقة أو التعصب ، و يسعى إلى تعزيز الروابط الإنسانية بين أفراده ، بيد أنها تزدان بموقعها الاستراتيجي ، و هي متكئة على ضفاف نهر النيل ، و هذا الموقع الفريد جعل منها مركزاً هاماً للتبادل التجاري و الثقافي بين الشرق و الغرب و الشمال و الجنوب .
الابتلاءات جزء أصيل من اختبارات الحياة ، و ما يحدث من أحداث في السودان يعكس قوة وصمود الشعب أمام التحديات ، في مواجهة الاعتداءات والممارسات التي تستهدف المدن والقرى ، و يجب أن يكون الأمل والإرادة الوطنية هما الدافعان الحقيقيان لتجاوز الأزمات ، إن وحدة الشعب السوداني هي الأساس ، مهما كانت الظروف ، و يجب أن تبقى هي القوة الكبرى في للتصدي لأي تهديدات .
إن التصدي لهذه المليشيا بكل حزم و عزم هو مسؤولية جماعية ، و لا بد من العمل على إتحادنا لاستعادة الأمن والاستقرار ، حتى يتحقق النصر و يتم تطهير كامل للبلاد من أي قوى تسعى لزعزعة الأمن و السلام .
عذرا دنقلا وأنت تحتضنين كل من وصلك من مختلف بقاع السودان ، فإن ما قامت به المليشيا من استهداف للمحطة التحويلية يمثل فعلاً جباناً ومؤسفاً ، حيث تتعمد المليشيا إلى إلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية للبلاد بهدف التأثير على حياة المواطنين بشكل مباشر ، و هذه الممارسات غير الإنسانية لا يمكن أن تثني عزيمة الشعب السوداني ، أو قواته المسلحة ، بل على العكس ، فإنها تزيد من تصميمه على مواجهة هذه المليشيات وإزالة أي تهديدات تواجه الوطن .
قوات الشعب المسلحة ، ما زالت تتمتع بقدرتها الكاملة و كفاءتها العالية ، و هي قادرة على إنهاء وجود هذه المليشيا في القريب العاجل ، و إستعادة الأمن والاستقرار في كافة ربوع الوطن ، و ما يحدث هذه الأيام من إستهداف ممنهج لن يؤثر على معنويات الجيش ، و لا على عزيمة الشعب الذي يقف جنباً الي جنب مع قواته المسلحة ، في سبيل الدفاع عن وطنه وحمايته من أي تهديدات .
الشعب السوداني يدرك تماماً أن هذه المعركة هي معركة وجودية ، (نكون أو لا نكون) ، وأن دعمه المستمر للجيش هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر ، و يجب أن يعلم الجميع أن القوات المسلحة تعمل وفق خطط استراتيجية محكمة لتحرير كامل القطر و تأمينه من كل التهديدات .
عذراً دنقلا الوديعة و شعبها العظيم ، فالجرح كبير و لكنه سيندمل بإذن الله و سنتعافي ، على الرغم من هذه المرارات و الظروف الصعبة ، و في هذا التوقيت الحرج من عمر زماننا ، الذي كنا نستبشر فيه خيراً بنجاح الموسم الشتوي ، حيث حاولت المليشيا إفساده علينا ، و إغتيال فرحتنا ببشريات نجاحه ، و لكن هيهات .
و في خضم هذه المعمعة تبرز بعض الأسماء التي تستحق التقدير و الاحترام ، حتى وإن كانت بعيدة عن الأضواء ، و من هؤلاء الجنود المجهولين الذين يسهمون بشكل حاسم في استعادة الحياة الطبيعية لأمتنا ، بكل فخر ، هم عمال وفنيو ومهندسو وزارة الطاقة ، الذين لا يعرفهم الكثيرون ، و لكن الله يعرفهم ، و هم يؤدون دوراً حيوياً في الحفاظ على استقرار البلاد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين ، نحن نرفع لهم القبعات إجلالاً و إحتراماً .
و رغم هذه الهجمات التي يحرمها القانون الدولي ، و هذه المآسي في حق الإنسانية ، التي ترتكبها المليشيا ، حيث إستهدفت المحطة التحويلية في دنقلا و غيرها من المدن الأخرى لتعدم الحياة ، إلا أن هؤلاء الأبطال المجهولين يؤدون واجبهم المقدس بكل تفانٍ و إصرار ، ويثبتون للتأريخ في كل يوم أن العزيمة والإرادة أقوى من أي تحدٍ ، و إنهم يعملون بجدٍ لإصلاح الأضرار التي لحقت بمحطات الكهرباء مهما بلغ حجم الضرر ، مؤكدين أن الأمور ستكون بخير و أن التيار الكهربائي سيعود و يستقر في أقرب وقت ممكن ، و سينجح الموسم الشتوي بإذن الله تعالى رغم أنف من ابى .
إن جنود وزارة الطاقة و النفط بقيادة د. محي الدين نعيم محمد ، ربانها و ممسك دفتها ، ليسوا فقط مهندسين ، و فنيين ، و عمال ، فهؤلاء أبطال ، يعكسون روح التفاني و التضحية من أجل الوطن ، و هم في الواقع جيش يحمل على عاتقه مسؤولية عظيمة لضمان استمرارية الخدمات الأساسية ، فشكراً جميلاً لهم يليق بجميل صنيعهم و هم يواجهون الصعاب لاستعادة التيار الكهربائي و عودة ضخ المياة ، واستقرار الحياة في كل المناطق المتأثرة في ربوع بلادنا .